للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التركيب يقتضي تقرير الجملة الأولى، وزيادة الثانية عليها، كمن قال: زيد كاتب، فقلت: وشاعر، فإنه يقتضي ثبوت الوصفين لزيد، قال: وخالفه جمهور المالكية، وقال بعض شيوخهم: يقول: عليكم السلام -بكسر السين- يعني: الحجارة، ووَهّاه ابنُ عبد البرّ بأنه لم يُشْرَع لنا سبّ أهل الذمة، ويؤيده إنكار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على عائشة لَمّا سبتهم.

وذكر ابن عبد البرّ عن ابن طاوس قال: يقول: علاكم السلام، بالألف؛ أي: ارتفع، وتعقّبه.

وذهب جماعة من السلف إلى أنه يجوز أن يقال في الردّ عليهم: عليكم السلام، كما يردّ على المسلم، واحتجّ بعضهم بقوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} [الزخرف: ٨٩]، وحكاه الماورديّ وجهًا عن بعض الشافعية، لكن لا يقول: ورحمة الله، وقيل: يجوز مطلقًا، وعن ابن عباس، وعلقمة: يجوز ذلك عند الضرورة.

وعن الأوزاعيّ: إن سَلَّمت فقد سلّم الصالحون، وإن تركت فقد تركوا.

وعن طائفة من العلماء: لا يردّ عليهم السلام أصلًا، وعن بعضهم: التفرقة بين أهل الذمة، وأهل الحرب.

والراجح من هذه الأقوال كلّها ما دل عليه الحديث، ولكنه مختصّ بأهل الكتاب.

وقد أخرج أحمد بسند جيّد عن حميد بن زادويه، وهو غير حميد الطويل، في الأصحّ، عن أنس: "أُمرنا أن لا نزيد على أهل الكتاب على: وعليكم".

ونقل ابن بطال (١) عن الخطابيّ نحو ما قال ابن حبيب، فقال: رواية مَن رَوَى "عليكم" بغير واو أحسن من الرواية بالواو؛ لأن معناه: رددت ما قلتموه عليكم، وبالواو يصير المعنى: عليَّ وعليكم؛ لأن الواو حرف التشريك. انتهى.

وكأنه نقله من "معالم السنن" للخطابيّ (٢) فإنه قال فيه: هكذا يرويه عامة المحدثين: "وعليكم" بالواو، وكان ابن عيينة يرويه بحذف الواو، وهو


(١) "شرح البخاريّ" لابن بطّال ٩/ ٣٨.
(٢) "معالم السنن" ٤/ ١٤٣.