السلام، فقال: قال: السام عليكم، فأُخِذ اليهوديّ، فاعترف، فقال: رُدُّوا عليه"، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" من طريق شيبان نحو رواية همام، وقال في آخره: "رُدُّوه، فردُّوه، فقال: أقلت: السام عليكم؟ قال: نعم، فقال عند ذلك: إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم".
قال: وأخرجه البخاريّ في "استتابة المرتدين" من طريق هشام بن زيد بن أنس، سمعت أنس بن مالك يقول: "مَرَّ يهوديّ بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: السام عليك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وعليك، ثم قال: أتدرون ماذا يقول؟ قال: السام عليك، قالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم"، وفي رواية الطيالسي أن القائل: "ألا نقتله" عمر - رضي الله عنه -.
قال: والجمع بين هذه الروايات أن بعض الرواة حَفِظ ما لم يحفظ الآخر، وأَتَمُّها سياقًا رواية هشام بن زيد هذه، وكأن بعض الصحابة لمّا أخبرهم النبيّ رحمه الله أن اليهود تقول ذلك سألوا حينئذ عن كيفية الردّ عليهم، كما رواه شعبة، عن قتادة، ولم يقع هذا السؤال في رواية هشام بن زيد، ولم تختلف الرواة عن أنس في لفظ الجواب، وهو: "وعليكم" بالواو، وبصيغة الجمع، قال أبو داود في "السنن": وكذا رواية عائشة، وأبي عبد الرحمن الْجُهَنِيِّ، وأبي بصرة.
قال المنذريّ: أما حديث عائشة فمتفق عليه، وأما حديث أبي عبد الرحمن فأخرجه ابن ماجه، وأما حديث أبي بصرة فأخرجه النسائيّ، قال الحافظ: هما حديث واحد اختُلِف فيه على يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، فقال عبد الحميد بن جعفر: "عن أبي بصرة"، أخرجه النسائيّ، والطحاويّ، وقال ابن إسحاق: "عن أبي عبد الرحمن"، أخرجه أحمد، وابن ماجه، والطحاويّ أيضًا، وقد قال بعض أصحاب ابن إسحاق عنه مثل ما قال عبد الحميد، أخرجه الطحاويّ، والمحفوظ قول الجماعة، ولفظ النسائيّ: "فإن سلّموا عليكم فقولوا: وعليكم".
وقد اختَلَف العلماء في إثبات الواو، وإسقاطها في الردّ على أهل الكتاب؛ لاختلافهم في أيّ الروايتين أرجح، فذكر ابن عبد البرّ عن ابن حبيب: لا يقولها بالواو؛ لأن فيها تشريكًا، وبَسْطُ ذلك أن الواو في مثل هذا