للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وكأنه أراد الذي بغير واو، وأما الذي بالواو فقد ورد في عدّة أحاديث، منها في الطبرانيّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: جاء رجل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "سلام عليكم، فقال: وعليك، ورحمة الله"، وله في "الأوسط" عن سلمان - رضي الله عنه -: "أتى رجلٌ، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك"، لكن لمّا اشتهرت هذه الصيغة للردّ على غير المسلم ينبغي ترك جواب المسلم بها، وإن كانت مجزئة في أصل الردّ، والله أعلم. انتهى (١).

٥ - (ومنها): بيان ما عليه اليهود من العداوة للمسلمين، وبذلك كانوا يضعون موضع السلام على المسلمين الدعاء عليهم بالموت (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): قد أجاد الحافظ رحمه الله البحث في هذا الحديث، وأحببت إيراده هنا؛ لأهميّته، حيث إنه بيّن طرق الحديث، وتكلّم عليها، وحقّق اختلاف العلماء فيها، حيث قال:

الحديث الثالث (٣) أورده من طريق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، حدّثنا أنس بن مالك -يعني: جدّه- بلفظ: "إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم"، كذا رواه مختصرًا، ورواه قتادة، عن أنس أتمّ منه، أخرجه مسلم (٤)، وأبو داود، والنسائيّ من طريق شعبة عنه، بلفظ: "أن أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالوا: إن أهل الكتاب يسلّمون علينا، فكيف نردّ عليهم؟ قال: قولوا: وعليكم"، وأخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" من طريق همام، عن قتادة، بلفظ: "مَرّ يهوديّ، فقال: السام عليكم، فردّ أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه


(١) "الفتح" ١٤/ ١٩١ - ١٩٢، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٥٦).
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٧/ ٩٤.
(٣) أي: من الأحاديث التي أوردها البخاري رحمه الله في "بابٌ كيف الردُّ على أهل الذمّة بالسلام "، فذكر حديث عائشة - رضي الله عنها -: "دخل رهط من اليهود … "، ثم حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب. … "، ثم حديث أنس - رضي الله عنه - هذا، بلفظ: "إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم".
(٤) هو الحديث التالي لهذا الحديث.