للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي عروبة، قال: كان قتادة يقول: تفسير السامُ عليكم: تسأمون دينكم، وهو يعني: السَّاَم مصدر سَئِمه سَآمَةً، وسَأَمًا، مثل رَضِعَه رَضَاعَةً، ورَضَاعًا، قال ابن بطال: ووجدت هذا الذي فسَّره قتادة مرويًّا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه بَقِيّ بن مَخْلَد في "تفسيره" من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنس: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بينا هو جالس مع أصحابه؛ إذ أتى يهوديّ، فسلَّم عليه، فرَدُّوا عليه، فقال: هل تدرون ما قال؟ قالوا: سَلَّم يا رسول الله، قال: قال: سام عليكم؛ أي: تسأمون دينكم".

قال الحافظ: يَحْتَمِل أن يكون قوله: "أي تسأمون دينكم" تفسير قتادة، كما بيّنته رواية عبد الوارث التي ذكرها الخطابيّ.

وقد أخرج البزّار، وابن حبان في "صحيحه" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: "مَرّ يهوديّ بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فسلّم عليهم، فردّ عليه أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل تدرون ما قال؟ قالوا: نعم، سلّم علينا، قال: فإنه قال: السام عليكم؛ أي: تسأمون دينكم، رُدُّوه عليّ، فرَدُّوه، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: السام عليكم، فقال: إذا سلّم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: عليكم ما قلتم"، لفظ البزار، وفي رواية ابن حبان: "أن يهوديًّا سَلَّم، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أتدرون؟ … " والباقي نحوه، ولم يذكر قوله: "ردوه … إلخ"، وقال في آخره: "فإذا سلّم عليكم رجل من أهل الكتاب، فقولوا: وعليك". انتهى (١).

(فَقَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنه - (بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ)؛ أي: عليكم مفهوم ما تريدون من هذا اللفظ، وتحرّفونه إلى المعنى الفاسد، (وَاللَّعْنَةُ)؛ أي: عليكم اللعنة زيادة على ذلك.

وقال في "الفتح": قوله: هو اللعنة" يَحْتَمِل أن تكون عائشة - رضي الله عنها - فَهِمت كلامهم بفطنتها، فأنكرت عليهم، وظَنَّت أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ظنّ أنهم تلفظوا بلفظ السلام، فبالغت في الإنكار عليهم.

وَيحْتَمِل أن يكون سبق لها سماع ذلك من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كما في حديثَي ابن


(١) "الفتح" ١٤/ ١٩٢، كتاب "الاستئذان" رقم ٦٢٥٦١).