للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر، وأنس - رضي الله عنهما - في الباب، وإنما أَطلقت عليهم اللعنة، إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعيَّن باعتبار الحالة الراهنة، لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب، وإما لأنها تقدّم لها علمٌ بأن المذكورين يموتون على الكفر، فأَطلقت اللعن، ولم تقيّده بالموت، والذي يظهر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أراد أن لا يتعود لسانها الفحش، أوأنكر عليها الإفراط في السبّ.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عَائِشَةُ) وفي الرواية الآتية: "مه يا عائشة"، و"مه" بفتح، فسكون: كلمة زجر عن الشيء، وفي رواية البخاريّ: "مهلًا يا عائشة وقوله: "مهلًا" معناه: تَأَنَّي، وارفُقِي، وانتصابه على المصدرية، وقال الجوهريّ: الْمَهَل، بالتحريك: التُّؤَدة، والتباطؤ، والاسم: الْمُهْلة بالضمّ، قال: وقولهم: مَهْلًا يا رجلُ، وكذلك للاثنين، والجمع، والمؤنّث، وهي موحّدةٌ بمعنى أَمْهِلْ. انتهى (١).

(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ) قال المناويّ رحمه الله: "الرفق " -بكسر الراء، وسكون الفاء-: لِيْنُ الجانب بالقول، والفعل، والأخذُ بالأسهل، والدفع بالأخفّ، قال: عرَّف في "شرح الرسالة العَضُدية" الرفقَ بأنه حسن الانقياد إلى ما يؤدي إلى الجميل. انتهى (٢). (فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" أي: في أمر الدِّين، وأمر الدنيا، حتى في معاملة المرء نفسه، ويتأكد ذلك في معاشرة مَن لا بُدّ للإنسان من معاشرته، كزوجته، وخادمه، وولده، فالرفق محبوبٌ مطلوبٌ مرغوب، وكلُّ ما في الرفق من الخير ففي العنف مثله من الشر. انتهى (٣).

(قَالَتْ: أَلمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟) تعني قولهم: السام عليكم، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ") هكذا في رواية سفيان، عن الزهريّ لإثبات الواو، وفي الرواية التالية من طريق معمر، وصالح بن كيسان، كلاهما عن الزهريّ: "عليكم" بحذف الواو، والله تعالى أعلم.


(١) "الصحاح" ١٠٠٧، و"عمدة القاري" ٢٢/ ١١٣.
(٢) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٨٧.
(٣) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ ٢/ ٢٨٧.