للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صفة للسام، وقد حَكَى ابن الأعرابيّ: "الدام" لغة في الدائم. انتهى (١).

وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق": وقول عائشة - رضي الله عنها -: "عليكم السام والذام" الرواية بغير همز عند الكافة، وذال معجمة، وعند العذريّ: والهام بالهاء، فعلى رواية الكافة، إما أن يقال: إن الألف منقلبة من همزة، والذأم بالهمز العيب، يقال: ذامه يَذامه ذامًا، قال الله تعالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الأعراف: ١٨]؛ أي: مَعِيبًا، أو تكون أيضًا منقلبة من ياء بمعناه، يقال منه: ذامه يَذيمه ذامًا، بغير همز، وكذلك ذمَّه يَذُمّه ذمًّا، وذماه يَذميه كله بمعنى، وقد ذكر الهرويّ هذا الحديث، فقال: "عليكم السام، والدام" بدال مهملة غير مهموز، وفسَّره: عليكم الموت الدائم، قال ابن الأعرابيّ: الدام: الموت الدائم، وقال ابن عرفة: ذامَتُه بالمعجمة مهموز: حَقَرته، وأما رواية من رواه: الهام، فإن صحت فمحملها على معنى الطيرة، والشؤم؛ لأن العرب تتشاءم بالهام، وهو ذَكَر الْبُوم، أو يراد بالهام هنا الموت، والهلاك، كما فُسِّر به السام في الرواية الأخرى، على أحد التفسيرين؛ لقولهم: هو هامة اليوم، أو غَدٍ؛ أي: ميت، وأصله أيضًا من قول الجاهلية: إن الميت إذا مات خرج من رأسه طائر يُسَمَّى الهام. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قول عائشة - رضي الله عنها -: "بل عليكم السَّام، والذَّام": الذَّام بتخفيف الميم؛ الرواية المشهورة فيه بالذال المعجمة، وهو العيب، ومنه: المثل: لا تَعْدَمُ الْحَسْنَاءُ ذَامًا؛ أي: عيبًا، ويهمز، ولا يهمز، ويقال: ذأمه يذأمه، مثل: دأب عليه يدأب، والمفعول: مذؤوم -مهموزًا- ومنه: {مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الأعراف: ١٨] ويقال: ذامه يذومه -مخففًا- كرامه، يرومه، قال الأخفش: الذَّام أشدُّ العيب، وقد وقع للعذريّ هذا الحرف "الهام" بالهاء؛ يعني: هامة القتيل، وصداه التي كانت العرب تتحدَّث بها، وهي من أكاذيبها، كما تقدَّم، وتعني بذلك عائشة - رضي الله عنها - على هذا القتلَ؛ دعت عليه بالموت والقتل، وقاله ابن الأعرابيّ بالدال المهملة، وفسَّره بالدائم، والصواب الأول


(١) "الفتح" ١٤/ ١٩٢، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٥٦).
(٢) "مشارق الأنوار"١/ ٢٧٤.