للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-إن شاء الله تعالى- انتهى (١).

وقوله: (لَا تَكُونِي فَاحِشَةً)؛ أي: مُعتديةً في الجواب، وقال القرطبيّ رحمه الله: أي: لا يصدر عنك كلام فيه جفاء، والفحش: ما يُستفحش من الأقوال، والافعال، غير أنَّه قد كَثُر إطلاقه على الزنى، وهو غير مراد هنا قطعًا، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - أمر لعائشة - رضي الله عنها - بالتثبت، والرفق، وترك الاستعجال، وتأديبٌ لها لِمَا نَطَقت به من اللَّعنة، وغيرها، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

وقال المجد رحمه الله: الفاحشة الزنى، وما يشتدّ قبحه من الذنوب، وكل ما نهى الله عنه، والفحشاء البخل في أداء الزكاة، والفاحش البخيل جدًّا، والكثير الغالب، وقد فَحُش، كَكَرُم فُحْشًا، والفحش عدوان الجواب، ومنه: قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "لا تكوني فاحشةً"، ورجل فاحشٌ، وفَحّاش، وأفحش، قال الفحشَ، وتفاحش: أتى به، وأظهره. انتهى (٣).

وقال ابن الأثير رحمه الله: الفاحش: ذو الفحش في كلامه، وفِعاله، والمتفحّش الذي يتكلّف ذلك، ويتعمّده، قال: وقد تكرّر ذِكر الفحش، والفاحشة، والفواحش في الحديث، وهو كل ما يشتدّ قبحه من الذنوب والمعاصي، وكثيرًا ما تَرِدُ الفاحشة بمعنى الزنى، وكلّ خَصلة قبيحة من الأقوال، والأفعال، ومنه الحديث: قال لعائشة - رضي الله عنها -: لا تقولي ذلك، فإن الله لا يحبّ الْفُحش ولا التفاحُش، أراد بالفُحش التعدّي في القول والجواب، لا الفُحش الذي هو من قَذَعِ الكلام، ورديئه، والتفاحش: تفاعُلٌ منه. انتهى (٤).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى قبل حديث، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٥٦٤٧](-) حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَفَطِنَتْ بِهِمْ عَائِشَةُ، فَسَبَّتْهُمْ، فَقَالَ


(١) "المفهم" ٥/ ٤٩٣.
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٩٤.
(٣) "القاموس المحيط" ١/ ٧٧٤.
(٤) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ص ٦٩٣.