للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يلتصق بالجدار، وإلا فيأمره لِيَعْدِل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه، قاله القاري (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: أي: لا تتنَحَّوْا لهم عن الطريق الضيق؛ إكرامًا لهم، واحترامًا، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأُولى في المعنى والعطف، وليس معنى ذلك أنا إذا لَقِيناهم في طريق واسع أنَّا نُلجئهم إلى حَرْفِه حتى نضيِّق عليهم؛ لأنَّ ذلك أَذًى مِنّا لهم من غير سبب، وقد نُهينا عن أذاهم. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: قال أصحابنا: لا يُترَك للذميّ صدر الطريق، بل يُضْطَرّ إلى أضيقه إذا كان المسلمون يَطْرُقون، فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج، قالوا: وليكن التضييق بحيث لا يقع في وَهْدة، ولا يَصْدِمه جدار، ونحوه، والله أعلم. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ: قال بعض أصحابنا: يُكره ابتداؤهم بالسلام، ولا يحرم، وهذا ضعيفٌ؛ لأن النهي للتحريم، فالصواب تحريم ابتدائهم، وحَكَى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة، وهو قول علقمة والنخعيّ، وقال الأوزاعيّ: إن سلّمت فقد سلّم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى مخالفة قول الأوزاعيّ هذا لهذا الحديث الصحيح، فلا ينبغي الإصغاء إليه، وأما الصالحون الذين سلّموا، فيُعتذر عنهم بعدم وصول الخبر إليهم، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث

: (المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٥٦٤٩ و ٥٦٥٠، (٢١٦٧)، و (البخاريّ) في


(١) "عون المعبود" ١٤/ ٧٥.
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٩٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٤٧.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٣٠٣٩.