للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان استحباب السلام على الصبيان، قال النوويّ رحمه الله: اتفق العلماء على استحباب السلام على الصبيان، ولو سلَّم على رجال، وصبيان، فردّ السلامَ صبيّ منهم، هل يسقط فرض الردّ عن الرجال؟ ففيه وجهان لأصحابنا: أصحهما يسقط، ومثله الخلاف في صلاة الجنازة، هل يسقط فرضها بصلاة الصبيّ؟ الأصح سقوطه، ونَصّ عليه الشافعيّ، ولو سلّم الصبيّ على رجل لزم الرجل ردّ السلام، هذا هو الصواب الذي أطبق عليه الجمهور، وقال بعض أصحابنا: لا يجب، وهو ضعيف، أو غلط. انتهى كلام النوويّ رحمه الله، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): الندب إلى التواضع، وبذل السلام للناس كلهم.

٣ - (ومنها): بيان تواضعه - صلى الله عليه وسلم -، وكمال شفقته على العالمين.

٤ - (ومنها): ما قال ابن بطال رحمه الله (١): في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة، وفيه طرح الأكابر رداء الكِبْر، وسلوك التواضع، وليْن الجانب، قال أبو سعيد المتولي في "التتمة": من سَلَّم على صبيّ لم يجب عليه الردّ؛ لأن الصبيّ ليس من أهل الفرض، وينبغي لوليّه أن يأمره بالردّ؛ ليتمرّن على ذلك، ولو سَلَّم على جَمْع فيهم صبيّ، فردّ الصبيّ دونهم لم يسقط عنهم الفرض، وكذا قال شيخه القاضي حسين، وردّه المستظهريّ، وقال النوويّ: الأصح لا يجزئ (٢)، ولو ابتدأ الصبي بالسلام وجب على البالغ الردّ على الصحيح.

قال الحافظ: ويستثنى من السلام على الصبيّ ما لو كان وضيئًا، وخُشي من السلام عليه الافتتان، فلا يُشرع، ولا سيما إن كان مراهقًا منفردًا. انتهى (٣).


(١) "شرح البخاري" لابن بطال رحمه الله ٩/ ٢٧.
(٢) هكذا عزا في "الفتح" هذا القول للنوويّ، والذي قاله في"شرح مسلم": إن الأصحّ إجزاؤه، كما أسلفته قبل قليل، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.
(٣) "الفتح" ١٤/ ١٧٦، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٤٧).