للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان فضل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - جعله يرفع الحجاب بلا استئذان، ويسمع مسارّته لغيره، ولهذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - يعدّون هذا له منقبة عظيمة، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، قال: "قدِمتُ أنا وأخي من اليمن، فكنّا حِيْنًا، وما نرى ابن مسعود وأمّه إلا من أهل بيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من كثرة دخولهم، ولزومهم له".

وأخرج مسلم من طريق أبي إسحاق، قال: سمعت أبا الأحوص، قال: شهدت أبا موسى وأبا مسعود، حين مات ابن مسعود، فقال أحدهما لصاحبه: أتُرَاه تَرَك بعده مثله؟ فقال: إن قلت ذاك، إن كان لَيُؤْذَن له إذا حُجِبنا، وَيشهد إذا غِبْنَا.

وأخرج أيضًا من طريق مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص قال: كنا في دار أبي موسى، مع نفر من أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرَك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، فقال أبو موسى: أَمَا لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غِبْنَا، ويؤذن له إذا حُجِبْنَا.

٢ - (ومنها): جواز الاعتماد على العلامة في الإذن في الدخول، فإذا جعل الأمير، أو القاضي، أو غيرهم رفع الستر الذي على بابه علامةً في الإذن في الدخول عليه للناس عامّة، أو لطائفة خاصّة، أو لشخص، أو جعل علامة غير ذلك جاز اعتمادها، والدخول إذا وُجدت بغير استئذان، وكذا إذا جعل الرجل ذلك علامة بينه وبين خَدَمه ومماليكه، وكبار أولاده وأهله، فمتى أرخى حجابه فلا دخول عليه إلا باستئذانه، فإذا رَفَعه جاز بلا استئذان. قاله النوويّ (١) - رَحِمَهُ اللهُ -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٥٦٥٥] ( … ) - (وَحَدَّثناهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ إسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ الله، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ).


(١) "شرح مسلم" ١٤/ ١٥٠، كتاب "السلام".