للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": سودة بنت زمعة - بالزاي، والميم، والعين المهملة المفتوحتين، وقال ابن الأثير: وأكثر ما سمعنا من أهل الحديث، والفقهاء، يقولونه بسكون الميم - ابن قيس القريشية العامرية، أسلمت قَدِيمًا، وبايعت، وكانت تحت ابن عمّ لها، يقال له: السكران بن عمرو، أسلم معها، وهاجرا جميعًا إلى الحبشة، فلما قَدِما مكة مات زوجها، فتزوجها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ودخل بها بمكة، وذلك بعد موت خديجة قبل عائشة - رضي الله عنها -، وهاجرت إلى المدينة، فلما كَبُرت أراد طلاقها، فسألته أن لا يفعل، وجعلت يومها لعائشة، فأمسكها.

رُوي لها خمسة أحاديث، أخرج البخاري منها حديثين، تُوُفّيت آخر خلافة عمر - رضي الله عنه -، وقيل: زمن معاوية - رضي الله عنه -، سنة أربع وخمسين بالمدينة. انتهى (١).

(بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: بعدما فرض الله تعالى عليها أن تحتجب عن الرجال الأجانب.

وقال الكرمانيّ: [فإن قلت]: وقع هنا أنه كان بعدما ضرب الحجاب، وتقدم في "الوضوء" أنه كان قبل الحجاب، فالجواب: لعله وقع مرتين.

قال الحافظ: بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني.

والحاصل أن عمر - رضي الله عنه - وقع في قلبه نَفْرة من اطّلاع الأجانب على الحريم النبويّ حتى صَرَّح بقوله له - صلى الله عليه وسلم -: "احْجُب نساءك"، وأَكَّد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قَصَد بعد ذلك أن لا يُبدين أشخاصهنّ أصلًا، ولو كنّ مستترات، فبالغ في ذلك، فمنع منه، وأَذِن لهنّ في الخروج لحاجتهن؛ دفعًا للمشقّة، ورفعًا للحرج. انتهى (٢).

وقوله: (لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا) متعلّق بـ"خرجت"، وفي بعض النسخ: "لبعض حاجتها"؛ أي: لقضاء بعض حاجتها من البول والغائط، (وَكَانَت) سودة - رضي الله عنها - (امْرَأَةً جَسِيمَةً)؛ أي: عظيمة الجسم، (تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمًا) بفتح التاء، وإسكان


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٢٨٤.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٥١٣ - ٥١٤، كتاب "التفسير" رقم (٤٧٩٥).