للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفاء، وفتح الراء، وبالعين المهملة؛ أي: تطولهنّ، فتكون أطول منهنّ، والفارع المرتفع العالي (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "تفرع النساء جسمًا": يقال: فَرَعت القومَ؛ أي: طُلْتهم.

(لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا)؛ تعني: أنها لا تخفى إذا كانت مُتَلَفّفةً في ثيابها، ومِرْطها في ظلمة الليل، ونحوها، على من قد سبقت له معرفة طولها؛ لانفرادها بذلك (٢). (فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) - رضي الله عنه - (فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ وَاللهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا) وفي الرواية الآتية: "فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة"، قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قول عمر - رَحِمَهُ اللهُ -: "ألا قد عرفناك يا سودة" يقتضي أن ذلك كان من عمر - رَحِمَهُ اللهُ - قبل نزول الحجاب؛ لأنَّ عائشة - رضي الله عنها - قالت فيه: "حِرْصًا على أن ينزل الحجاب، فأُنزل الحجاب"، والرواية الأخرى تقتضي أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، فالأَولى أن يُحْمَل ذلك على أن عمر تكرر منه هذا القول قبل نزول الحجاب، وبعده، ولا بُعد فيه.

ويُحْتَمَل أن يُحْمَل ذلك على أن بعض الرواة ضمَّ قصّةً إلى أخرى، والأول أَولى؛ فإنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقع في قلبه نَفْرة عظيمة، وأَنَفَةٌ شديدة، من أن يَطَّلِع أحدٌ على حُرَم النبيّ صلى الله عليه وسلم - حتى صَرّح له بقوله: "احجُبْ نساءك؛ فإنَّهن يراهنّ البرّ والفاجر"، ولم يزل ذلك عنده إلى أن نزل الحجاب، وبعده، فإنه كان قَصْده أن لا يخرجن أصلًا، فأفرط في ذلك، فإنَّه مفضٍ إلى الحرج والمشقة، والإضرار بهنّ، فإنَّهن محتاجات إلى الخروج، ولذلك قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا تأذَّت بذلك سودة: "قد أُذِن لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكنَّ". انتهى (٣).

(فَانْظُرِي كيْفَ تَخْرُجِينَ؟، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ) ووقع في بعض النسخ: "قال: فانكفأت"، والظاهر أنه غلط، والله تعالى أعلم؛ أي: قالت عائشة: فانكفأت؛ أي: انقلبت، وانصرفت سودة - رضي الله عنها - من الطريق الذي سلكته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥٠ - ١٥١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥١.
(٣) "المفهم" ٥/ ٤٩٥ - ٤٩٦.