للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِمَا تحتاج إليه من أمورها الجائزة، لكنها تخرج على حال بَذَاذة، وتستُّر، وخشونة ملبس بحيث يَسْتُر حجم أعضائها، غير متطيِّبة، ولا متبرِّجة بزينة، ولا رافعة صوتها، وعلى الجملة فالحال التي يجوز لها الخروج عليها أن تكون بحيث لا تمتد لها عين، ولا تميل إليها نفس، وما أعدم هذه الحالة في هذه الأزمان؛ لِمَا يُظْهِرن من الزينة والطيب، والتبختر في الملابس الحسان، فمسامحتهن في الخروج على تلك الحال فُسوقٌ وعصيان.

فإنَّ قيل: فما الزينة التي استثنى الله تعالى لهن إظهارها في قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١].

فالجواب: أن ذلك اختُلِف فيه، فقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: إنها الثياب؛ يعني بذلك: ثيابها التي تستتر بها، ولا تُسْتَر هي؛ كالملحفة، والخمار، وعلى هذا فلا يجوز أن تُبدي مما تحت ذلك شيئًا؛ لا كحلًا، ولا خاتمًا، ولا غير ذلك مما يُستَر بالملحفة والخمار.

وقال ابن عباس، والمسور: هي الكحل، والخاتم؛ يعني: أن العين لا يمكن سترها، وقد تتناول بيد الخاتم ما تحتاج إليه.

وقال الحسن، ومالك: هو الوجه، والكفان؛ لأنَّهما ليسا بعورة؛ إذ يجب كشفهما عليها في الإحرام عبادةً، ويظهر ذلك منها في الصلاة، وهما اللذان يبدوان منها عادة.

قال: والكلُّ مجوجون على أن المستثنى هو ما يتعذر ستره إما عادةً، وإما عبادةً، وقد دلَّ على أن المطلوب من المرأة ستر ما تتمكن من ستره قول الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩].

فالخمار ما يُلَفّ على الرأس، والحلق، والجلبابُ اختُلِف فيه، فقال الحسن: هو الرداء، وقال ابن جبير: الْمِقْنَعة، وقال قطرب: هو كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها، وقال أبو عبيدة: أدنى الجلباب أن تغطي وجهًا إلا قَدْر ما تُبْصر منه.

قال: إذا قلنا: إن الوجه والكفين ليسا بعورة، وإنه يجوز لها كشفهما؛