للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد قال النوويّ: المراد في الحديث أقارب الزوج، غير آبائه، وأبنائه؛ لأنهم محارم للزوجة، يجوز لهم الخلوة بها، ولا يوصفون بالموت، قال: وإنما المراد: الأخ، وابن الأخ، والعمّ، وابن العمّ، وابن الأخت، ونحوهم، مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجةً، وجرت العادة بالتساهل فيه، فيخلو الأخ بامرأة أخيه، فشبّهه بالموت، وهو أَولى بالمنع من الأجنبيّ. انتهى (١).

وقد جزم الترمذيّ، وغيره، كما تقدم، وتبعه المازريّ بأن الحمو أبو الزوج، وأشار المازريّ إلى أنه ذُكِر للتنبيه على مَنْع غيره بطريق الأَولى، وتبعه ابن الأثير في "النهاية"، وردّه النوويّ، فقال: هذا كلام فاسدٌ، مردودٌ، لا يجوز حمل الحديث عليه. انتهى.

قال الحافظ: وسيظهر في كلام الأئمة في تفسير المراد بقوله: "الحمو الموت" ما يتبيّن منه أن كلام المازريّ ليس بفاسد.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("الْحَمْوُ الْمَوْتُ") مبتدأ وخبره، قيل: المراد أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدِّين إن وقعت المعصية، أو إلى الموت إن وقعت المعصية، ووجب الرجم، أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها، إذا حملته الغيرة على تطليقها، أشار إلى ذلك كفه القرطبيّ.

وقال الطبريّ: المعنى أن خلوة الرجل بامرأة أخيه، أو ابن أخيه تُنَزَّل منزلة الموت، والعرب تَصِف الشيء المكروه بالموت، قال ابن الأعرابيّ: هي كلمة تقولها العرب مثلًا، كما تقول: الأسد الموت؛ أي: لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت.

وقال صاحب "مجمع الغرائب": يَحْتَمِل أن يكون المراد: أن المرأة إذا خلت، فهي محل الآفة، ولا يؤمَن عليها أحد، فليكن حموها الموت؛ أي: لا يجوز لأحد أن يخلو بها إلا الموت، كما قيل: نعم الصهر القبر، وهذا لائق بكمال الغيرة، والْحَمِيّة.

وقال أبو عبيد: معنى قوله: "الحمو الموت"؛ أي: فلْيَمُت، ولا يفعل هذا.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥٣.