للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقبه النوويّ، فقال: هذا كلام فاسد، وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشرّ يُتَوَقَّع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن؛ لتمكّنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير نكير عليه، بخلاف الأجنبي.

وقال عياض (١): معناه: أن الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة، والهلاك في الدّين، فجعله كهلاك الموت، وأَوْرَدَ الكلامَ مورد التغليظ.

وقال القرطبيّ في "المفهم" (٢): المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح، والمفسدة؛ أي: فهو محرَّم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عنه، وشبّهه بالموت؛ لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة؛ لإلفهم بذلك، حتى كأنه ليس بأجنبيّ من المرأة، فخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت؛ أي: لقاؤه يُفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدِّين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة.

وقال ابن الأثير في "النهاية" (٣): الحَمُ أحد الأحماء: أقارب الزوج، والمعنى فيه أنه إذا رأيه هذا في أبي الزوج، وهو مَحْرم، فكيف بالغريب؛ أي: فَلْتَمُت، ولا تفعلنّ ذلك، وهذه كلمة تقولها العرب، كما تقول: الأسد الموت، والسلطان النار؛ أي: لقاؤهما مثلُ الموت والنار؛ يعني: أن خلوة المَحْرَم معها أشدّ من خلوة غيره من الأجانب؛ لأنه ربما حَسَّن لها أشياءَ، وحَمَلها على أمور تَثْقُل على الزوج، من التماس ما ليس في وُسعه، فتسوء العشرة بين الزوجين بذلك، ولأن الزوج قد لا يُؤْثِر أن يَطَّلع والد زوجته، أو أخوها على باطن حاله، ولا على ما اشتمل عليه بيته. انتهى، فكأنه قال: الحمو الموت؛ أي: لا بُدّ منه، ولا يمكن حجبه عنها، كما أنه لا بدّ من الموت، وأشار إلى هذا الأخير الشيخ تقيّ الدين في "شرح العمدة" (٤).


(١) "الإكمال" ٧/ ٦١.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٠٠.
(٣) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ص ٢٣٦.
(٤) "الفتح" ١١/ ٦٨٧ - ٦٨٨، كتاب "النكاح" رقم (٥٢٣٢).