للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنقبة من أشرف مناقبها، ومع ذلك فلم يكتف بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جمع الناس، وصعد المنبر، فنهاهم عن ذلك، وعلّمهم ما يجوز منه، فقال: "ألا يدخلنّ رجل على مُغيبة، إلا ومعه رجل، أو اثنان" سادًّا لذريعة الخلوة، ودفعًا لِمَا يؤدِّي إلى التهمة، وإنَّما اقتصر على ذكر الرَّجل والرَّجلين لصلاحية أولئك القوم؛ لأنَّ التهمة كانت ترتفع بذلك القَدْر، فأما اليوم فلا يُكتفى بذلك القدر، بل بالجماعة الكثيرة؛ لعموم المفاسد، وخبث المقاصد، ورحم الله مالكًا، لقد بالغ في هذا الباب حتى منع فيه ما يجرّ إلى بعيد التُّهَم والارتياب؛ حتى منع خلوة المرأة بابن زوجها، والسفر معه، وإن كانت محرَّمة عليه؛ لأنَّه ليس كل أحد يمتنع بالمانع الشرعي؛ إذا لم يقارنه مانع عاديّ، فإنَّه من المعلوم الذي لا شك فيه أن موقع امتناع الرجل من النظر بالشهوة لامرأة أبيه ليس كموقعه منه لأمه، وأخته، هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية، وذلك قد أَنِست به النفس الشهوانية، فلا بدَّ مع المانع الشرعيّ في هذا من مراعاة الذرائع الحاليَّة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في امرأة الأب محلّ نظر؛ لأنها داخلة في المحارم، وأما الفساد الذي ذَكَره فلا يخصّ ابن الزوج، بل بعض الفسّاق لا يتحاشا في الوقوع على بعض محارمه، وإن كانت قريبةً، ولكن الشرع نظر إلى الأغلب الكثير، فأباح لكل مَحْرَم أن يخلو بحَرَمِه، فإن العادة أن الشخص إذا اعتقد أن هذه المرأة مَحْرَمه يقطع أطماعه منها مطلقًا، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٥٦٦٥] (٢١٧٣)، و (النسائيّ) في "الكبرى"


(١) "المفهم" ٥/ ٥٠٢ - ٥٠٣.