للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غائب عن منزله، لا عن البلد، والله أعلم. انتهى (١).

(إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ، أَوِ اثْنَان،) قال في "المبارق": قوله: "أو اثنان" شكّ من الراوي. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ويَحْتَمِل أن يكون للتنويع، فتأمله، والله تعالى أعلم.

قال النوويّ: ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين، أو الثلاثة بالأجنبية، والمشهور عند أصحابنا تحريمه، فيتأول الحديث على جماعة يَبْعُد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة؛ لصلاحهم، أو مروءتهم، أو غير ذلك، وقد أشار القاضي إلى نحو هذا التأويل. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كان هذا الدخول في غيبة أبي بكر - رضي الله عنه -، لكنه كان في الحضر، لا في السفر، وكان على وجه ما يُعْرَف من أهل الصلاح والخير، مع ما كانوا عليه قبل الإسلام مما تقتضيه مكارم الأخلاق، من نفي التهمة، والريب، كما قدمناه، ولعل هذا كان قبل نزول الحجاب (٤)، وقبل أن يُتقدَّم لهم في ذلك بأمر ولا نهي؛ غير أن أبا بكر - رضي الله عنه - أنكر ذلك بمقتضى الغيرة الجِبِلِّيَّة، والدِّينيَّة، كما وقع لعمر - رضي الله عنه - في الحجاب، ولمّا ذكر ذلك للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال ما يعلمه من حال الدَّاخلين، والمدخول لها، قال: "لم أر إلا خيرًا"؛ يعني: على الفريقين، فإنَّه عَلِم أعيان الجميع؛ لأنَّهم كانوا من مسلمي بني هاشم، ثم خصَّ - صلى الله عليه وسلم - أسماء بالشهادة لها فقال: "إن الله قد برأها من ذلك"؛ أي: مما وقع في نفس أبي بكر، فكان ذلك فضيلة عظيمة من أعظم فضائلها،


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥٥.
(٢) من هامش النسخة التركيّة ٧/ ٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٥٥.
(٤) هذا غير صحيح؛ لأن أسماء بنت عُميس إنما تزوّجها أبو بكر - رضي الله عنهما - يوم حنين، كما صرّح به الحافظ في "الإصابة" ٧/ ٤٨٩، وذلك بعد نزول الحجاب بمدّة طويلة، فالظاهر أنهم دخلوا عليها بمراعاة أحكام الحجاب، ولكن أبا بكر - رضي الله عنه - إنما كره ذلك بمقتضى الغيرة الجبلّيّة مع التصريح بأنه لم ير إلا خيرًا. راجع: "شرح الشيخ الهرريّ حفظه الله تعالى" ٢٢/ ١٣٠ - ١٣١.