للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "على رسلكما" الرِّسل - بكسر الراء -: الرفق واللين، وليس فتح الراء فيه معروفًا، والرِّسل بالكسر أيضًا: اللَّبن، وقد أرسل القوم؛ أي: صار لهم اللبن في مواشيهم، والرَّسَل بفتح الراء والسين: القطيع من الخيل، والإبل، والغنم، وجَمْعه: أرسال، يقال: جاءت الخيل أرسالًا؛ أي: قطيعًا قطيعًا. انتهى (١).

(إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ") وفي رواية سفيان: "هذه صفيّة".

ووقع في مختصر القرطبيّ بلفظ: "إنما هي صفيّة"، فقال في "شرحه": "إنما" هنا لتحقيق المتصل بها، وتمحيق المنفصل عنها، كقوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١]؛ أي: الإلهية متحققة له، منفيَّة عن غيره، فكأنه قال: هذه صفيَّة لا غيرها؛ حَسْمًا لذريعة التُّهم، وردًا لتسويل الشيطان، ووسوسته، كما قد نصَّ عليه، وإذا كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتَّقي مواقع التهم مع قيام الأدلة القاطعة على عصمته كان غيره بذلك أَولى. انتهى (٢).

(فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ) زاد في رواية البخاريّ: "وكَبُر عليهما وفي رواية له: "وكَبُر عليهما ما قال وفي رواية: "فكبُر عليهما ذلك وفي رواية: "فقال: يا رسول الله، هل نظنّ بك إلا خيرًا؟ ".

وقال القرطبيّ رحمه الله: وقول الرجلين: "سبحان الله" معنى هذه الكلمة في أصلها: البراءة لله من السُّوء، لكنها قد كَثُر إطلاقها عند التعجب، والتفخيم، أو الإنكار، كما قال تعالى: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦]، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس"، ومثله كثير، وهذا الموضع منها، فكأنهما قالا: البراءة لله تعالى من أن يخلق في نفوسنا ظنَّ سَوْءٍ بنبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قال في الرواية الأخرى: "ومن كنت أظن به، فلم أكن أظن بك". انتهى (٣).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) وفي رواية: "فقال: إني خِفْتُ أن تظنّا ظنًّا، إن الشيطان يجري … " إلى آخره، وفي رواية:


(١) "المفهم" ٥/ ٥٠٤.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٠٤ - ٥٠٥.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٠٥.