للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَتْ: فَاسْتَحْيَيْتُ) وفي رواية البخاريّ: "فاستحييتُ أن أسير مع الرجال"، قال في "الفتح": هذا بَنَتْهُ على ما فَهِمته من الارتداف، وإلا فعلى الاحتمال الآخر ما تتعيّن المرافقة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد عرفت ما في الاحتمال الآخر من بُعد، فلا تغفل، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: ظاهر هذا المساق يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - عرض عليها الركوب، فلم تركب؛ لأنَّها استحيت، كما قالت، وعلى هذا فلا يحتاج إلى اعتذار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ركوبها معه؛ فإنَّه يحتمل أنها لو اختارت الركوب تركها راكبة وحدها، ولا يكون فيه من حيث هذا اللفظ دليل على جواز ركوب اثنين على بعير، فتأمله. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ رحمه اللهُ محلّ نظر، بل السياق ظاهر في جواز ركوب الاثنين، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ) تقول هذا لزوجها الزبير - رضي الله عنه -، وفي رواية البخاريّ: "وذكرتُ الزبيرَ، وغَيْرتَهُ، وكان أغير الناس"، قال في "الفتح": هو بالنسبة إلى مَن عَلِمته؛ أي: أرادت تفضيله على أبناء جنسه في ذلك، أو "مِنْ" مرادة، قال: ثم رأيتها ثابتة في رواية الإسماعيليّ، ولفظه: "وكان من أغير الناس". انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: وقولها: "وعرفت غيرتك" تعني ما جُبِل عليه من الغيرة، وإلا فالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُغار لأجله، كما قال عمر - رضي الله عنه - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "وعليك أغار يا رسول الله؟! " حين أخبره أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى قصرًا من قصور الجنَة، فيه امرأة من نساء الجنة، فقال: "لمن أنتِ؟ "، فقالتْ لعمر بن الخطاب، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فذكرت غيرتك"، فتوقّع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تحريك الغيرة بحكم الجبلَّة، وإن لم يَغَرْ (٣) لأجله. انتهى (٤).


(١) "المفهم" ٥/ ٥١٩.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٧٣، كتاب "النكاح" رقم (٥٢٢٤).
(٣) من باب تَعِبَ.
(٤) "المفهم" ٥/ ٥١٩.