للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من باب تَعِبَ، والجمع: الأَدْوَاءُ، مثلُ باب وأبواب، وفي لغة: دَوِيَ يَدْوَى دَوًى، من باب تَعِبَ أيضًا: عَمِيَ، والدَّوَاءُ: ما يُتَدَاوى به ممدود، وتفتح داله، والجمع أَدْوِيةٌ، ودَاويتُهُ مُدَاوَاة، والاسم الدِّوَاءُ بالكسر، من باب قاتل. انتهى (١).

وقوله: (يَشْفِيكَ) بفتح أوله، من شفاه، باب ضرب، أو بضمّه، من أشفاه رباعيًّا، قال المجد رَحمه اللهُ: شفاه يَشفيه: بَرَأه، وطلب له الشفاء؛ كأشفاه. انتهى (٢).

(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ) خصّه بعد التعميم؛ لخفاء شرّه، (إِذَا حَسَدَ)؛ أي: إذا أظهر حَسَده، وعَمِل بمقضاه، من بغي غوائل الحسود؛ لأنه إذا لم يُظهر أثر ما أضمره فلا ضرر منه يعود على المحسود، بل هو الضارّ لنفسه؛ لاغتمامه بسرور غيره، وقد يراد بشرّ الحاسد إثمه، وسماجة حاله في وقت حسده، وإظهار أثره، والحسد: هو الأسف على الخير عند أهل الخير، أو تمني زوال نعمة الغير، وإنما ختم الشرور في الآية بالحسد؛ ليُعلَم أنه شرّها، وهو أول ذنب عُصِي الله به في السماء من إبليس، وفي الأرض من قابيل، أفاده في "العمدة" (٣).

والحسد أن يَرَى الرجل لأخيه نعمة، فيتمنى أن تزول عنه، وتكون له دونه.

وقوله: (وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ") من عَطْف الخاص على العام؛ لأن كل عائنٍ حاسدٌ، ولا عكسَ، فلما كان الحاسد أعمّ كان تقديم الاستعاذة منه أهمّ، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحوَ المحسود والمعيون، تصيبه تارةً، وتخطئه أخرى، فإن صادفته مكشوفًا، لا وقاية عليه، أَثَّرت فيه، ولا بدّ، وإن صادفته حَذِرًا، شاكي السلاح، لا منفذ فيه للسهام خابت، فهو بمنزلة الرمي الحسيّ، لكن هذا من النفوس والأرواح، وذلك من الأجسام والأشباح، ولهذا قال ابن القيم رَحمه اللهُ: استعاذ من الحاسد؛ لأن روحه مؤذية للمحسود، مؤثرة فيه أثرًا بيِّنًا، لا يُنكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٠٥.
(٢) "القاموس" ص ٦٩٦.
(٣) "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناويّ ٣/ ١١٠.