للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ قَالَ: يَا عَائِشَةُ) - رضي الله عنها -؛ أي: بعد رجوعه من البئر، وفي رواية البخاريّ: "فجاء، فقال: يا عائشة"، وفي رواية وهيب: "فلما رجع قال: يا عائشة"، ونحوه في رواية أبي أسامة، ولفظه: "فذهب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى البئر، فنظر إليها، ثم رجع إلى عائشة، فقال"، وفي رواية عمرة، عن عائشة: "فنزل رجل، فاستخرجه"، وفيه من الزيادة: "أنه وجد في الطلعة تِمْثالًا من شَمَعٍ، تِمْثالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإذا فيه إبر مَغروزة، وإذا وَتَرٌ فيه إحدى عشرة عُقْدة، فنزل جبريل بالمعوذتين، فكلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع إبرة وَجَدَ لها ألَمًا، ثم يجد بعدها راحةً"، وفي حديث ابن عباس نحوه، وفي حديث زيد بن أرقم عند عبد بن حميد وغيره: "فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمعوذتين"، وفيه: "فأمره أن يَحُلّ العُقَد، ويقرأ آية، فجعل يقرأ، ويَحُلّ، حتى قام، كأنما نَشِط من عِقَال"، وعند ابن سعد من طريق عمر مولى غُفْرة مُعْضلًا: "فاستخرج السحر من الْجُفّ من تحت البئر، ثم نزعه، فحَلّه، فكُشِف عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".

(وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا)؛ أي: البئر، (نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ) - بضم النون، وتخفيف القاف - والحناء: معروف، وهو بالمدّ؛ أي: أن لون ماء البئر لونُ الماء الذي يُنقع فيه الحناء، قال ابن التين: يعني: أحمر، وقال الداوديّ: المراد: الماء الذي يكون من غُسالة الإناء الذي تُعجن فيه الحناء.

ووقع في حديث زيد بن أرقم عند ابن سعد، وصححه الحاكم: "فوَجَد الماء، وقد اخضَرّ"، وهذا يقوي قول الداوديّ.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين": فيه دليل على جواز اليمين، وإن لَمْ يستحلف، ونقاعة الحنَّاء: الماء الذي يخرج فيه لونها إذا نُقِعت فيه، وتشبيهه نخلها برؤوس الشياطين؛ يعني: أنَّها مستكرهه، مستقبَحة المنظر، والمَخْبَر، وهذا على عادة العرب إذا استقبحوا شيئًا شبَّهوه بأنياب أغوال، ورؤوس الشياطين، وقد تقدَّم نحو هذا، ويعني - والله أعلم -: أن هذه الأرض التي فيها النخل والبئر خراب، لا تُعَمَّر؛ لرداءتها، فبئرها معطلة، ونخلها مشذَّبةٌ (١)، مهملة، وتغيُّر


(١) أي: مقطوعة الأغصان، ومقشّرة اللحاء.