وفي آخره: قال: فدفعها إلى وُلاة بشر بن البراء، فقتلوها، قال الواقديّ: وهو الثبْتُ.
وأخرج أبو داود من طريق يونس، عن الزهريّ، عن جابر نحو رواية معمر عنه، وهذا منقطع؛ لأن الزهريّ لم يسمع من جابر، ومن طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، نحوه مرسلًا، قال البيهقيّ: وصله حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قال البيهقيّ: يَحْتَمِل أن يكون تركها أوّلًا، ثم لمّا مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها، وبذلك أجاب السهيليّ، وزاد: أنه كان تركها؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ثم قتلها ببشر قصاصًا.
قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن يكون تركها؛ لكونها أسلمت، وإنما أخر قتلها حتى مات بشر؛ لأن بموته تحقق وجوب القصاص بشرطه.
ووافق موسى بن عقبة على تسميتها زبنب بنت الحارث، وأخرج الواقديّ بسند له عن الزهريّ: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها:"ما حملك على ما فعلتِ؟ " قالت: قتلت أبي، وعمي، وزوجي، وأخي، قال: فسألت إبراهيم بن جعفر، فقال: عمها يسار، وكان من أجبن الناس، وهو الذي أنزل من الرَّفّ، وأخوها زبير، وزوجها سلّام بن مِشْكم.
ووقع في "سنن أبي داود": أخت مرحب، وبه جزم السهيليّ، وعند البيهقيّ في "الدلائل": بنت أخي مرحب، ولم ينفرد الزهري بدعواه أنها أسلمت، فقد جزم بذلك سليمان التيميّ في "مغازيه"، ولفظه بعد قولها: وإن كنت كاذبًا أَرَحْتُ الناس منك، وقد استبان لي الآن أنك صادق، وأنا أُشهدك، ومن حضر أني على دينك، وأن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، قال: فانصرف عنها حين أسلمت (١).
(فَأَكَلَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (مِنْهَا)؛ أي: من تلك الشاة؛ أي: من لحمها، (فَجِيءَ بِهَا)؛ أي: بتلك المرأة (إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلهَا عَنْ ذَلِكَ)؛ أي: عن جَعْلها السمّ في تلك الشاة، وتقدّم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "ما حَمَلكِ على
(١) "الفتح" ٩/ ٣٤٧ - ٣٤٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٢٤٩).