للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ البَأسِ مِنْكُمْ … إِذَا الدَّاعِي المَثُوبُ قَالَ يَالَا

أي: نحن عند الحرب إذا نادى بنا المنادي، ورجّع نداءه: ألا لا تفرّوا، فإنّا نكرّ راجعين؛ لِمَا عندنا من الشجاعة، وأنتم تجعلون الفَرَّ فرارًا، فلا تستطيعون الكرّ، وجَمْع البَأْسِ: أَبْؤُسٌ، مثلُ: فَلْس وأَفْلُس. انتهى (١).

وقال في "العمدة": البأسَ بالنصب مفعول "أذهب"، وهو بالباء الموحّدة: الشدّة، والعذاب، والحزن (٢).

(رَبَّ النَّاسِ)؟ أي: يا ربّ الناس، فهو منادى بحذف حرف النداء، وهو جائز، قال الحريريّ رحمه الله في "ملحته":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"

(وَاشْفِ) أمْرٌ من شفى يشفي، ثلاثيًّا، يقال: شفى الله المريض يشفيه، من باب رمى شِفَاء: عافاه (٣).

(أَنْتَ الشَّافِي) قال في "الفتح": يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما: أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصًا، والثاني: أن يكون له أصل في القرآن، وهذا من ذاك، فإن في القرآن: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)} [الشعراء: ٨٠]. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أنه إذا ورد تسمية الله تعالى في الحديث الصحيح جاز لنا أن نسميه به، ولو لم يرد في القرآن، وذلك كالجميل، والرفيق، والشافي، ونحو ذلك، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وأما ما قاله القرطبيّ رحمه الله من أن الشافي اسم فاعل من اشْف، والألف واللام فيه بمعنى الذي، وليس باسم عَلَم لله تعالى؛ إذ لم يكثر ذلك، ولم يتكرّر، فإن أراد أن تسميته به لا يجوز ففيه نظر لا يخفى، فإنه - صلى الله عليه وسلم - سمّاه به، فلنا أن نسمّيه به، وإن أراد أنه ليس بعَلَم كلفظ الجلالة، والرحمن، فمسلّم، ولكن ماذا يترتّب عليه؟ فتأمل، والله تعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٦٥ - ٦٦.
(٢) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٢٨.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٣١٩.
(٤) "الفتح" ١٣/ ١٧٤، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٤٣).