(لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ) وفي لفظ للبخاريّ: "لا شافي إلا أنت"، وفيه إشارة إلى أن كل ما يقع من الدواء، والتداوي، إن لم يصادف تقدير الله تعالى، وإلا فلا ينجع.
وقال في "العمدة": قوله: "لا شفاء إلا شفاؤك" حَصْرٌ لتاكيد قوله: "أنت الشافي"؛ لأن خبر المبتدأ إذا كان معرَّفًا باللام أفاد الحصر؛ لأن الدواء لا ينفع إذا لم يخلق الله فيه الشفاء، وقوله:"شفاء لا يغادر سقمًا" مُكَمِّلٌ لقوله: "اشف"، والجملتان معترضتان بين الفعل والمفعول المطلق. انتهى (١).
(شِفَاءً) منصوب بقوله: "اشف"، ويجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ؛ أي هو، والتنكير فيه للتقليل. (لَا يُغَادِرُ) بِالْغَيْن المعجمة؛ أي: لا يَتْرك، من المغادرة، وهو الترك، (سَقَمًا") بفتحتين، أو بضمّ، فسكون.
(فَلَمَّا مَرِضَ) من باب تَعِبَ، (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَثَقُلَ)؛ أي: اشتدّ مرضه، (أَخَذْتُ بِيَدِهِ) - صلى الله عليه وسلم - (لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ)؛ أي: من الرقية، (فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي) وفي رواية لابن حبّان: "فقال - صلى الله عليه وسلم -: ارفعي يدك، فإنها كانت تنفعني في المدّة". (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاجْعَلْني مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى") وفي رواية عند أحمد: "فقال: مع الرفيق الأعلى، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء" إلى قوله: "رفيقًا"، وفي رواية أبي بردة، عن أبي موسى، عن أبيه، عند النسائيّ، وصححه ابن حبان: "فقال: أسأل ألله الرفيق الأعلى الأسعد، مع جبريل، وميكائيل، وإسرافيل"، قال الحافظ: وظاهره أن الرفيق المكان الذي تحصل المرافقة فيه مع المذكورين.
وفي رواية الزهريّ: "في الرفيق الأعلى"، وفي رواية عباد، عن عائشة بعد هذا: "قال: اللهم اغفر لي، وارحمني، وألحقني بالرفيق"، وفي رواية ذكوان، عن عائشة: "فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قبض"، وفي رواية ابن أبي مليكة، عن عائشة: "وقال: في الرفيق الأعلى، في الرفيق الأعلى".
قال في "الفتح": وهذه الأحاديث تردّ على من زعم أن الرفيق تغيير من الراوي، وأن الصواب الرّقِيع، بالقاف، والعين المهملة، وهو من أسماء