(فَيَقُولُ) عيسى عليه السلام (لَا) أي: لا آتيكم لأصلّي بكم، وقوله:(إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ) جملة تعليليّة لعدم صلاته بهم؛ أي: لأن بعض هذه الأمة أُمراء على بعضها، والأمير هو الأحقّ بأن يصلّي بها، وقوله:(تَكْرِمَةَ اللهِ) منصوب على أنه مفعول من أجله، كما قال في "الخلاصة":
والمعنى: إن بعضكم أمراء على بعضٍ؛ لأجل تكرمة الله تعالى إياكم، فلا ينبغي لغيركم أن يكون إمامًا لكم.
وفي رواية أحمد من حديث جابر - رضي الله عنه - في قصة الدجال، ونزول عيسى عليه السلام: "وإذا هم بعيسى، فيقال: تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم، فليُصَلِّ بكم"، ولابن ماجه في حديث أبي أمامة الطويل في الدجال قال: "وإمامهم رجل صالحٌ، فبينما إمامهم قد تقدَّم، يصلي بهم الصبح، إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبحَ، فرجع ذلك الإمام يَنكُص، يمشي القهقرى؛ ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم، فصلّ، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم … ".
وقال أبو الحسن الأُبَّديّ في مناقب الشافعي رحمه اللهُ: تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة، وأن عيسى يصلي خلفه، ذكر ذلك رَدًّا للحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أنس - رضي الله عنه - وفيه: "ولا مَهْدِيَّ إلا عيسى".
وقال ابن الجوزي رحمه اللهُ: لو تقدم عيسى إمامًا لوقع في النفس إشكال، ولَقِيل: أتراه تقدم نائبًا أو مبتدئًا شرعًا؟ فصلى مأمومًا؛ لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجهُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نَبِيَّ بعدي"، وفي صلاة عيسى عليه السلام خلف رجل من هذه الأمة، مع كونه في آخر الزمان، وقرب قيام الساعة دلالةٌ للصحيح من