في النضج، وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج، ودفع الضرر، فقد ذكروا أنه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئًا منه في سقائه؛ ليأمن مضرّة ذلك.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: أن يستصحب تراب الأرض … إلخ هذا محلّ نظر؛ إذ لم يثبت ذلك في النصوص الشرعيّة، فتأملّ، والله تعالى أعلم.
قال: ثم إن الرُّقَى، والعزائم لها آثار عجيبة، تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.
وقال التوربشتيّ رحمه الله: كأن المراد بالتربة الإشارة إلى فطرة آدم، والريقة الإشارة إلى النطفة، كأنه تضرع بلسان الحال: إنك اخترعت الأصل الأول من التراب، ثم أبدعته منه من ماء مهين، فَهَيِّن عليك أن تَشفي من كانت هذه نشأته.
وقال النوويّ رحمه الله: قيل: المراد بأرضنا: أرض المدينة خاصّة؛ لبركتها، وبعضنا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لشرف ريقه، فيكون ذلك مخصوصًا، وفيه نظر (١).
(لِيُشْفَى بِهِ) بصيغة المجهول علة للممزوج، قاله السنديّ، وفي رواية ابن أبي شيبة الآتية، وهي لفظ البخاريّ:"يشفى به" بإسقاط اللام، فقوله:"يشفى" ضُبط بوجهين، بضم أوله، على البناء للمجهول، و (سَقِيمُنَا) بالرفع، على أنه نائب الفاعل، وبفتح أوله، على أن الفاعل مقدّر؛ أي: هذا الممزوج، و"سقيمنا" بالنصب على المفعولية، وقوله: (بِإِذْنِ رَبِّنَا") متعلق بـ"يُشْفَى".
وقوله:(قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ)؛ يعني: شيخه الأول، (يُشْفَى)؛ أي: بحذف اللام، كما هو رواية البخاريّ التي أشرنا إليها آنفًا، وقوله:(وَقَالَ زُهَيْرٌ)؛ يعني: ابن حرب، شيخه الثاني:(لِيُشْفَى سَقِيمُنَا)؛ أي: باللام، مع حذف الصلة، وهو "به".
وحاصل ما أشار إليه أن شيوخه الثلاثة اختلفوا في هذا اللفظ، فرواه ابن أبي عمر بلفظ: "ليشفى به"، باللام، وذكر الصلة، ورواه ابن أبي شيبة بلفظ:
(١) "الفتح" ١٣/ ١٧٦ - ١٧٧، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٤٥).