للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والصَّرْع، وغير ذلك، من الآفات (١)، وهو متعلّق بـ (قَالَ)؛ أي: قال في شأن الرُّقَى، وفي بيان حكمه. (رُخِّصَ) بالبناء للمفعول، والمرخّص هو النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما بيّنه في الرواية التالية، فقال: "رَخّص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرقية .... "، وفيه إشارة إلى أنه كان منهيًّا عنه، ثم رُخّص بعده، وقد جاء مصرّحًا في حديث جابر - رضي الله عنه - الآتي: "قال: كان لي خالٌ يَرقِي من العقرب، فنَهَى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الرُّقَى، قال: فأتاه، فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرُّقَى، وأنا أرقي من العقرب، فقال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".

وقال التوربشتيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الرخصة إنما تكون بعد النهي، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد نَهَى عن الرُّقَى لِمَا عَسَى أن يكون فيها من الألفاظ الجاهلية، فانتهى الناس عن الرُّقَى، فرَخَّص لهم فيها، إذا عَرِيت عن الألفاظ الجاهلية. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "رُخِّص في الرقية من العين، والْحُمَة، والنملة": ليس معناه تخصيص جوازها بهذه الثلاثة، وإنما معناه: سئل عن هذه الثلاثة، فأَذِن فيها، ولو سئل عن غيرها لَأَذِن فيه، وقد أَذِن لغير هؤلاء، وقد رَقَى هو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غير هذه الثلاثة، والله أعلم. انتهى (٣).

(فِي الْحُمَةِ) قال ابن منظور - رَحِمَهُ اللهُ -: الْحُمَة: السّمّ، قاله اللِّحيانيّ، وقال بعضهم: هي الإبرة التي تَضرب بها الحية، والعقرب، والزُّنبور، ونحو ذلك، أو تَلْدَغ بها، وأصله حُمَوٌ، أو حُمَيٌ، والهاء عوض، والجمع حُمَاتٌ، وحُمًى، وقال الليث: الْحُمَة في أفواه العامّة إبرة العقرب، والزُّنبور، ونحوه، وإنما الْحُمَة سُمّ كلّ شيء يَلْدَغ، أو يَلْسَع، وقال ابن الأعرابيّ: يقال لسم العقرب: الْحُمَة، والْحُمْة، وقال الأزهريّ: لَمْ يُسمع التشديد في الْحُمَّة إلَّا لابن الأعرابيّ، قال: وأحسبه لَمْ يذكره إلَّا وقد حفظه، وقال الجوهريّ: حُمَة العقرب: سُمّها؛ وضُرّها، وحُمَة البرد: شدّته. انتهى (٤).

(وَالنَّمْلَةِ) - بفتح النون، وإسكان الميم -: هي قُروحٌ تخرُج في الجنب، قال ابن قتيبة وغيره: كانت المجوس تزعم أن ولد الرجل من أخته إذا خَطَّ


(١) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٤٤.
(٢) "تحفة الأحوذيّ " ٦/ ١٨٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٨٥.
(٤) "لسان العرب" ١٤/ ٢٠١.