للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح أوله، وبتشديد اللام، وفيه حَذْف إحدى التاءين؛ إذ أصله: تتألّم، كما في قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، وقوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: ٤]، وقوله: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)} [عبس: ٦]، قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

ويَحْتَمِل أن يكون بتخفيف اللام، مضارع أَلِمَ، كفَرِح، يقال: أَلَمَ يَأْلَمُ: إذا وَجِعَ؛ أي: على العضو الذي تمرضه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (مِنْ جَسَدِكَ) بيان للموصول، (وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ)؛ أي: هذا اللفظ، فلا ينبغي أن يزيد، فيقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وإن قال به بعضهم؛ لأن التعليم النبويّ له سرّ، فإذا زيد عليه شيء فُقد ذلك السرّ، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم. (ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث مرّات، (وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ)؛ أي: أعتصم، وأتحصّن (بِاللهِ) تعالى (وَقُدْرَتهِ، مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ)؛ أي: في الوقت الحاضر من الألم، (وَأُحَاذِرُ")؛ أي: أخافه في المستقبل، يقال: حَذِرَ الشيءَ: من باب تَعِبَ: إذا خافه، والظاهر أنه إنما عبّر بالمفاعلة؛ لأن الشيء المحذور يطلب الإنسان ليقع عليه، وهو يدفعه عن نفسه، فصار من باب المفاعلة، والله تعالى أعلم.

قال الطيبيّ -رحمه الله-: يُتعوَّذ من وجع، ومكروه هو فيه، أو مما يُتوقع حصوله في المستقبل، من الحزن، والخوف، فإن الحذر الاحتراز عن المخوف (١).

وللطبرانيّ، والحاكم: أنه يقول ذلك في كل مسحة من السبع.

وللترمذيّ، وحسّنه، والحاكم، وصحّحه، عن محمد بن سالم، قال: قال لي ثابت البنانيّ: يا محمد، إذا اشتكيت، فضع يدك حيث تشتكي، ثم قل: بسم الله، أعوذ بعزة الله، وقدرته، من شرّ ما أجد، من وجعي هذا، ثم ارفع يدك، ثم أعد ذلك وترًا، قال: فإن أنس بن مالك حدّثني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدّثه بذلك. انتهى (٢).

زاد في رواية "الموطّأ": "قال: فقلت ذلك، فأذهب الله ما كان بي، فلم أزل آمر بها أهلي، وغيرهم"؛ أي: لأنه من الأدوية الإلهية، والطبّ النبويّ؛


(١) "شرح سنن ابن ماجه" ١/ ٢٥٢، و"فيض القدير" ١/ ٢٨٤.
(٢) راجع: "سنن الترمذيّ" ٥/ ٥٧٤، و"المستدرك على الصحيحين" للحاكم ٤/ ٢٤٤.