للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحينئذ: حَرْفا جَرّ، بمعنى "مِنْ" في الماضي، و"في" في الحاضِر، و"منْ"، و"إلى" جميعًا في المَعْدود، كـ: ما رأيتُهُ مُنْذُ يومِ الخميس، واسمٌ مرفوعٌ، كمُنْذُ يومان، وحينئذٍ مُبْتدآن، ما بعدَهما خَبرٌ، ومعناهُما: الأَمَدُ في الحاضِر، والمَعدود، وأوَّلُ المُدَّةِ في الماضِي، أو ظَرْفانِ مُخْبَرٌ بِهِما عَمَّا بعدَهما، ومعناهُما: بينَ وبينَ، كَلَقِيتُه مُنْذُ يومانِ؛ أي: بينِي وبينَ لقائِهِ يومان، وتَليهما الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، نحوُ قوله [من الكامل]:

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَداهُ إزارَهُ … فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأشْبَارِ

أو الاسْمِيَّةُ، كقوله [من الطويل]:

وَمَا زِلْتُ أبْغِي الْمَالَ مُذْ أَنَا يَافِعُ … وَلِيدًا وَكَهْلًا حَيْثُ شِبْتُ وَأَمْرَدَا

وحينئذٍ ظَرْفانِ مُضافانِ إلى الجُمْلَة، أو إلى زمانٍ مُضافٍ إليها، وقيلَ: مُبْتَدَآنِ.

وأصلُ مُذْ: مُنْذُ؛ لِرُجوعِهِم إلى ضم ذالِ مُذْ، عندَ مُلاقاةِ الساكنين، كمُذُ اليوم، ولولا أن الأَصلَ الضمُّ لكَسَرُوا، ولتَصْغِيرِهِم إيَّاهُ مُنَيْذٌ، أو إذا كانتْ مُذْ اسمًا فأَصْلُها: مُنْذُ، أو حَرْفًا فهي أصلٌ، ويقالُ: ما لقِيتُه مُنْذَ اليوم، ومُذَ اليوم، بفتح ذالِهِما، أو أصْلُها: "مِنِ" الجارَّةُ، و"ذُو" بمعنى الذي، أو "منْ إذْ" حُذِفَت الهمزةُ، فالْتَقَى ساكنان، فضمَّ الذالُ، أو أصْلُها: "مِنْ ذَا" اسمَ إشارةٍ، فالتقديرُ في ما رَأيْتُهُ مُذ يومانِ: من ذَا الوَقْتِ يومان، وفي كُلٍّ تَعَسُّفٌ. انتهى (١).

وإلى بعض ما ذُكر أشار ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في "الخلاصة" حيث قال:

وَ"مُذْ" وَ"مُنْذُ" اسْمَانِ حَيْثُ رَفَعَا … أَو أُوليَا الْفِعْلَ كـ "جِئْتُ مُذْ دَعَا"

وَإِنْ يَجُرَّا فِي مُضِيٍّ فَكَـ "مِنْ" … هُمَا وَفِي الْحُضُورِ مَعْنَى "فِي" اسْتَبِنْ

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ضَعْ يَدَكَ) وللطبرانيّ، والحاكم: "ضع يمينك على المكان الذي تشتكي، فامسح بها سبع مرات" (٢). (عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ) مضارع أَلِمَ، من باب تَعِبَ: أي: وَجعَ، ومَرَض.

ووقع في بعض النُّسخ: "تَأَلَّمَ" بالتاء بدل الياء، فيكون مضارع تَأَلّم،


(١) "القاموس المحيط" ١/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(٢) "شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ٤/ ٤١٥.