مع ريق، وإن ريق التفل أكثر، وقد قيل: إن ريق النفث أكثر، وقيل: هما متساويان، والأول أصحّ عند أهل اللغة، وقد كثر ذلك في الأحاديث المتقدِّمة وغيرها، فلا يعدل عنه، وكذلك تكرار التسمية ثلاثًا، وتكرار العُوذة (١) سبعًا، كما جاء في هذا الحديث، فينبغي للرَّاقي أن يحافظ عليه؛ إذ قد علَّمه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأمر به، فكل ذلك فيه أسرار، يدفع الله تعالى بها الأضرار.
فأما ما يفعله الْمُعَزِّمون من الآلات، والصَّلاصل، فذلك كله من باب التمويه، والتطرُّق لأكل المال بالباطل.
قال: واختَلَف العلماء في النُّشْرة، وهي أن يكتب شيئًا من أسماء الله، أو من القرآن، ثم يغسله بالماء، ثمَّ يمسح به المريض، أو يسقيه إياه، فأجازها سعيد بن المسيِّب، قيل له: الرَّجل يؤخذ عن امرأته؛ أيُحَلُّ عنه، وينشر؟ قال: لا بأس به، وما ينفع لم يُنْهَ عنه، وقال المازريّ: النُشْرة أمر معروف عند أهل التعزيم، وسُمِّيت بذلك؛ لأنها تُنْشَر عن صاحبها؛ أي: تُحَلّ.
ومَنَعها الحسن، وقال: هي من السحر، وقد رَوَى أبو داود من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النَّشرة، فقال:"هي من عمل الشيطان"، قال بعض علمائنا: هذا محمول على أنها خارجة عمَّا في كتاب الله تعالى، وسُنَّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعن المداواة المعروفة، والنُّشرة من جنس الطبّ.
قال القرطبيّ -رحمه الله-: ويتأيد هذا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس بالرُّقَى ما لم يكن فيه
شرك"، و"من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".
قال القاضي عياض -رحمه الله- في النفث: وفائدة ذلك -والله أعلم- التبرُّك ببلل الرُّطوبة، أو الهواء، والنَّفَس المباشر للرُّقية الحسنة، كما يُتبرَّك بغسالة ما يُكتب من أسماء الله الحسنى في النُّشُر، قال: وقد يكون ذلك على وجه التفاؤل، من زوال ذلك الألم، وانفصاله عن المريض، كانفصال ذلك النفث، وقد كان مالك ينفث إذا رَقَى نفسه، وكان يكره الحديدة، والملح الذي يُعْقَد، والذي يكتب خاتم سليمان، وكان العَقْدُ عنده أشدّ كراهة؛ لِمَا في ذلك من