للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ) بإضافة "دواء" إلى الداء، وهي بمعنى اللام، (بَرَأَ) تقدَّم أنه من باب ضرب، وتعب، وكرُم، بمعنى تعافى، وحصل له الشفاء (بِإِذْنِ اللهِ -عزَّ وجلَّ-") قال القرطبيّ -رحمه الله-: معناه: أن الله تعالى إذا شاء الشِّفاء يسَّر دواء ذلك الدَّاء، ونبَّه عليه مستعمله، فيستعمله على وجهه، وفي وقته، فيُشْفَى ذلك المرض، وإذا أراد إهلاك صاحب المرض، أذهل عن دوائه، أو حجبه بمانع يمنعه، فهلك صاحبه، وكلُّ ذلك بمشيئته، وحُكمه، كما سبق في علمه، ولقد أحسن من الشعراء من قال في شرح الحال:

وَالنَّاسُ يَلْحَوْنَ الطَّبِيبَ (١) وَإنَّمَا … غَلَطُ الطَّبيبِ إِصَابَةُ الْمَقْدُورِ

وقد خرَّج أبو داود هذا الحديث، وحديث أسامة بن شريك، وقال فيه: إنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا عباد الله! تداووا، فإنَّ الله لم يضع داءً إلا وضع له شِفَاءً، غير داءٍ واحد: الهرم" (٢)، فاستثنى الهرم من جملة الأدواء، وإن لم يكن داء بنفسه، لكن تلازمه الأدواء، وهو مُفْضٍ بصاحبه إلى الهلاك، وهذا نحو من قوله في الحديث الآخر: "كفى بالسَّلامة داء" (٣)؛ أي: مصير السلامة إلى الدَّاء، وكما قال حميد بن ثور [من الطويل]:

أَرَى بَصَرِي قد رابَنِي بَعْد صِحَّةٍ … وَحَسْبُكَ داءً أَنْ تَصِحَّ وتَسْلمَا (٤)

مسائل تتعلّق بهدا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١١/ ٥٧٢٩] (٢٢٠٤)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٤/ ٣٦٩)، و (أحمد) في "مسنده" ٣/ ٣٣٥)، و (ابن حبّان) في، صحيحه" (٦٠٦٤)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٢٣)، و (أبو يعلى) في


(١) أي: يشتمونه، ويسبّونه.
(٢) حديث صحيح، رواه أبو داود (٣٨٥٥).
(٣) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" رقم (٨٦١) وضعّفه الشيخ الألبانيّ.
(٤) "المفهم" ٥/ ٥٩٣.