للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الخامسة): قال الإمام البخاريّ: في "صحيحه": "بابُ الدواء بالعسل"، وقول الله تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩]، قال في "الفتح": كأنه أشار بذكر الآية إلى أن الضمير فيها للعسل، وهو قول الجمهور، وزعم بعض أهل التفسير أنه للقرآن، وذكر ابن بطال أن بعضهم قال: إن قوله تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}؛ أي: لبعضهم، وحَمَله على ذلك أن تناول العسل قد يَضُرّ ببعض الناس، كمن يكون حارّ المزاج، لكن لا يُحتاج إلى ذلك؛ لأنه ليس في حَمْله على العموم ما يمنع أنه قد يَضُرّ ببعض الأبدان بطريق العَرَض.

قال: و"الْعَسَل" يذكَّر، ويؤنث، وأسماؤه تزيد على المائة، وفيه من المنافع ما لخّصه الموفَّق البغداديّ، وغيره، فقالوا: يُجَلِّي الأوساخ التي في العروق، والأمعاء، ويدفع الفضلات، ويغسل المعدة، ويُسَخِّنها تسخينًا معتدلًا، ويفتح أفواه العروق، ويشدّ المعدة، والكبد، والكُلَى، والمثانة، وفيه تحليل للرطوبات أكلًا، وطِلاءً، وتغذيةً، وفيه حفظ للمعجونات، وإذهاب لكيفية الأدوية المستكرهة، وتنقية للكبد، والصدر، وإدرار البول، والطمث، وينفع للسعال الكائن من البلغم، والأمزجة الباردة، وإذا أضيف إليه الخلّ نفَعَ أصحاب الصفراء، ثم هو غذاء من الأغذية، ودواء من الأدوية، وشراب من الأشربة، وحلوى من الحلاوات، وطلاء من الأطلية، ومفرح من المفرحات.

ومن منافعه أنه إذا شُرِب حارًّا بدهن الورد نفع من نهش الحيوان، وإذا شُرب وحده بماء نفع من عَضَّة الكَلْب الكَلِبِ، وإذا جُعل فيه اللحم الطريّ حُفِظ طراوته ثلاثة أشهر، وكذا الخيار، والقرع، والباذنجان، والليمون ونحو ذلك، وإذا لُطِخ به البدن للقمل قَتَل القمل، والصئبان، وطَوَّل الشعر، وحَسَّنه، ونعّمَه، وإن اكْتُحِل به جلا ظلمة البصر، وإن استُنَّ به صَقَّل الأسنان، وحَفِظ صحتها، وهو عجيب في حفظ جثة الموتى، فلا يُسرع إليها البِلا، وهو مع ذلك مأمون الغائلة، قليل المضرّة، ولم يكن يُعَوِّل قدماء الأطباء في الأدوية المركبة إلا عليه، ولا ذِكْر للسكّر في أكثر كتبهم أصلًا.

وقد أخرج أبو نعيم في "الطب النبوي" بسند ضعيف من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه، وابن ماجه بسند ضعيف، من حديث جابر -رضي الله عنه- رفعه: "مَنْ