للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من التداوي، أو ما يشبهه إلا بإذن زوجها؛ لإمكان أن يكون ذلك الشيء مانعًا له من حقه، أو منقصًا لغرضه منها، وإذا كانت لا تَشرع في شيء من التطوّعات التي تتقرَّب بها إلى الله تعالى إلا بإذنٍ منه؛ كان أحرى وأَولى ألا تتعرَّض لغير القُرَب إلا بإذنه؛ اللهم إلا أن تدعو لذلك ضرورة من خوف موت، أو مرض شديد، فهذا لا تحتاج فيه إلى إذن؛ لأنَّه قد التحق بقسم الواجبات المتعيَّنة، وأيضًا: فإنَّ الحجامة وما يتنزّل منزلتها مما يُحتاج فيها إلى محاولة الغير، ولا بدَّ فيها من استئذان الزوج لنظره فيمن يَصلح، وفيما يحلُّ من ذلك، ألا ترى أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا طيبة أن يحجمها؛ لِمَا عَلِم أن بينهما من السبب المبيح، كما قال الرَّاوي: حسبت: أنه كان أخاها من الرَّضاعة، أو غلامًا لم يحتلم، ولا شكَّ في أن مراعاة هذا هي الواجبة متى وُجد ذلك، فإنْ لم يوجد من يكون كذلك، ودعت الضرورة إلى معالجة الكبير الأجنبيّ جاز دفعًا لأعظم الضررين، وترجيحًا لأخف الممنوعين. انتهى (١).

(فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَبَا طَيْبَةَ) اسمه: نافع على الصحيح، فقد رَوَى أحمد، وابن السكن، والطبرانيّ، من حديث مُحَيِّصة بن مسعود، أنه كان له غلام حجّام، يقال له: نافع أبو طيبة، فانطلق إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن خراجه. . . الحديث، وحَكَى ابن عبد البرّ في اسم أبي طيبة أنه دينار، ووَهَّموه في ذلك؛ لأن دينارًا الحجام تابعيّ، رَوَى عن أبي طيبة، لا أنه اسم أبي طيبة، أخرج حديثه ابن منده من طريق بسام الحجّام، عن دينار الحجّام، عن أبي طيبة الحجّام، قال: حجمت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. . . الحديث، وبذلك جزم أبو أحمد الحاكم، في "الكُنَى" أن دينارًا الحجام يَروي عن أبي طيبة، لا أنه أبو طيبة نفسه، وذكر البغويّ في "الصحابة" بإسناد ضعيف، أن اسم أبي طيبة: ميسرة، وأما العسكريّ، فقال: الصحيح أنه لا يُعرف اسمه، وذكر ابن الحذاء في رجال "الموطأ" أنه عاش مائة وثلاثًا وأربعين سنةً. انتهى (٢).

(أَنْ يَحْجُمَهَا) بفتح أوله، وكسر ثالثه، وضمّه، من بابي ضرب، ونصر.


(١) "المفهم" ٥/ ٥٩٥ - ٥٩٦.
(٢) "الفتح" ٦/ ٥٦ - ٥٧، كتاب "الإجارة" رقم (٢٢٨١).