للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) أبو الزبير (حَسِبْتُ)؛ أي: ظننت (أَنَّهُ)؛ أي: جابرًا -رضي الله عنه-، (قَالَ: كَانَ) أبو طيبة (أَخَاهَا)؛ أي: أخا أم سلمة -رضي الله عنها-.

وقد اعترض ابن حزم -رحمه الله- هذا الحسبان، فقال: وأما قول الراوي: حسبت أنه كان أخاها من الرضاعة، أو غلامًا لم يحتلم، فإنما هو ظنّ من بعض رواة الخبر، ممن دون جابر -رضي الله عنه-، ثم هو أيضًا ظنّ غير صادق؛ لأن أم سلمة -رضي الله عنها- وُلدت بمكة، وبها وَلَدت أكثر أولادها، وأبو طيبة غلام لبعض الأنصار بالمدينة، فمحال أن يكون أخاها من الرضاعة، وكان عبدًا مضروبًا عليه الخراج، كما رَوَينا من طريق مالك، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: "حَجَمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أبو طيبة، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه"، ولا يمكن أن يحجمها إلا حتى يرى عنُقها، وأعلى ظهرها مما يوازي أعلى كتفيها. انتهى (١).

(مِنَ الرَّضَاعَةِ) بفتح الراء، وكسرها، قال المجد -رحمه الله-: رَضِعَ أُمَّه، كسَمِع، وضَرَب، رَضْعًا، ويُحَرَّكُ، ورَضاعًا، ورَضاعةً، ويُكْسَرانِ، ورَضِعًا، ككتفٍ، فهو راضِعٌ، جمعه: كرُكَّعٍ، ورَضِعٌ، ككتِفٍ، جمعه: كعُنُقٍ: امْتَصَّ ثَدْيَها. انتهى (٢).

(أَوْ) للشكّ من الراوي؛ أي: قال: كان (غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ)، أي: صغيرًا يجوز له أن ينظر إلى الأجنبيّة، قال القرطبيّ -رحمه الله-: وفيه من الفقه ما يدلّ على أن ذا المحرم يجوز أن يطَّلع من ذات محرمه على بعض ما يحرم على الأجنبيّ، وكذلك الصبيّ، فإن الحجامة غالبًا إنما تكون من بدن المرأة فيما لا يجوز للأجنبيّ الاطلاع عليه، كالقفا، والرَّأس، والساقين. انتهى (٣).

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

[تنبيه]: قال أبو محمد بن حزم -رحمه الله-بعد أن أورد حديث جابر هذا- ما نصّه: هذا خبر في غاية الصحة؛ لأنه من رواية الليث، عن أبي الزبير، عن


(١) "المحلي" لابن حزم -رحمه الله- ١٠/ ٣٣.
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ٩٣٢.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٩٥ - ٥٩٦.