للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو لينقطع العِرْق الذي خرج منه الدم، وإنما كواه بعد القطع؛ لينقطع الدم الخارج من العرق المقطوع.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: وكونه -صلى الله عليه وسلم- بعث إلى أُبِي طبيبًا فكواه، دليلٌ على أن الواجب في عمل العلاج أن لا يباشره إلا من كان معروفًا به، خبيرًا بمباشرته، ولذلك أحال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على الحارث بن كَلَدَة، ووصف له النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الدَّواء وكيفية العمل، على ما يأتي. انتهى (١).

وقال الشوكانيّ -رحمه الله-: وقد جاء النهي عن الكيّ وجاءت الرخصة فيه؛ لبيان جوازه، حيث لا يقدر الرجل أن يداوي العلة بدواء آخر، وإنما ورد النهي حيث يقدر الرجل على أن يداوي العلة بدواء آخر؛ لأن الكيّ فيه تعذيب بالنار، ولا يجوز أن يعذّب بالنار إلا ربُّ النار، وهو الله تعالى، ولأن الكيّ يبقى منه أثر فاحش، وهذان نوعان من أنواع الكي الأربعة، وهما النهي عن الفعل، وجوازه، والثالث الثناء على من تركه، كحديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، والرابع عدم محبته، كحديث "الصحيحين": "وما أُحبّ أن أَكْتَوِيَ"، فعدم محبته يدلّ على أن الأَولى عدم فعله، والثناء على تركه يدلّ على أن تركه أَولى، فتبيّن أنه لا تعارُض بين الأربعة.

وقال الشيخ أبو محمد بن جمرة -رحمه الله-: عُلم من مجموع كلامه -صلى الله عليه وسلم- في الكي أن فيه نفعًا، وأن فيه مضرّةً، فلمّا نَهَى عنه عُلم أن جانب المضرّة فيه أغلب، وقريب منه إخبار الله تعالى أن في الخمر منافع، ثم حرّمها؛ لأن المضار التي فيها أعظم من المنافع. انتهى ملخصًا (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١١/ ٥٧٣٣ و ٥٧٣٤ و ٥٧٣٥] (٢٢٠٧)، و (أبو داود) في "الطبّ" (٣٨٦٤)، و (ابن ماجه) في "الطبّ" (٣٤٩٣)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٥/ ٥٤)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣٠٣ و ٣٠٤ و ٣١٥)،


(١) "المفهم" ٥/ ٥٩٧.
(٢) "نيل الأوطار" ٩/ ٩٦.