للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٢١)، و (الحاكم) في "المستدرك" (٤/ ٢٣٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ٣٤٢) و"شُعب الإيمان" (٢/ ٥٩)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): قال الإمام البخاريّ -رحمه الله- في "صحيحه": "باب من اكتوى، أو كَوَى غيره، وفضل من لم يكتو". انتهى.

قال في "الفتح" في شرح هذه الترجمة: كأنه أراد أن الكيّ جائز للحاجة، وأن الأَولى تَرْكه، إذا لم يتعيّن، وأنه إذا جاز كان أعمّ من أن يباشر الشخص ذلك بنفسه، أو بغيره لنفسه، أو لغيره، وعموم الجواز مأخوذ من نسبة الشفاء إليه في حديث: "أو لذعة بنار"، وفَضْل تَرْكه من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وما أحب أن أكتوي"، وقد أخرج مسلم من طريق أبي الزبير، عن جابر، قال: "رُمِي سعد بن معاذ على أكحله، فحسمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ومن طريق أبي سفيان، عن جابر: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعث إلى أُبيّ بن كعب طبيبًا، فقطع منه عِرْقًا، ثم كواه"، وروى الطحاويّ، وصححه الحاكم عن أنس، قال: "كواني أبو طلحة في زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-"، وأصله في البخاريّ، وأنه كُوِيَ من ذات الجُنُب، وعند الترمذيّ عن أنس: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَوَى أسعد بن زُرارة من الشوكة"، ولمسلم عن عمران بن حصين: "كان يسلّم عليّ حتى أكتويت، فتُركتُ، ثم تَرَكت الكيّ، فعاد"، وله عنه من وجه آخر: "إن الذي كان انقطع عني، رجع إليّ، يعني تسليم الملائكة" كذا في الأصل، وفي لفظ: "أنه كان يسلَّم عليّ، فلما اكتويت أُمسك عني، فلما تركته عاد إليّ"، وأخرج أحمد، وأبو داود، والترمذيّ عن عمران: "نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكيّ، فاكتوينا، فما أفلحنا، ولا أنجحنا"، وفي لفظ: "فلم يُفلحن، ولم يَنجحن"، وسنده قويّ.

والنهي فيه محمول على الكراهة، أو على خلاف الأَولى؛ لِمَا يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل: إنه خاصّ بعمران؛ لأنه كان به الباسور، وكان موضعه خطرًا، فنهاه عن كيّه، فلما اشتدّ عليه كواه، فلم ينجح.

وقال ابن قتيبة: الكيّ نوعان:

كَيّ الصحيح؛ لئلا يَعتلّ، فهذا الذي قيل فيه: "لم يتوكل من اكتوى"؛ لأنه يريد أن يدفع القدر، والقدر لا يدافع.