للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني: كَيّ الجرح إذا نَغَل؛ أي: فسد، والعضو إذا قُطع فهو الذي يُشرع التداوي به، فإن كان الكيّ لأمر محْتَمِلٍ فهو خلاف الأَولى؛ لِمَا فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقَّق.

وحاصل الجمع أن الفعل يدلّ على الجواز، وعدم الفعل لا يدلّ على المنع، بل يدلّ على أن تَرْكه أرجح من فعله، وكذا الثناء على تاركه، وأما النهي عنه فإما على سبيل الاختيار، والتنزيه، وإما عما لا يتعيَّن طريقًا إلى الشفاء، والله أعلم.

قال الحافظ -رحمه الله-: ولم أر في أثر صحيح أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اكتوى، إلا أن القرطبي نسب إلى "كتاب أدب النفوس" للطبريّ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اكتوى، وذكره الْحَلِيميّ بلفظ: رُوي أنه اكتَوَى للجرح الذي أصابه بأُحد.

قال الحافظ: والثابت في "الصحيح" كما تقدم في "غزوة أُحد" أن فاطمة -رضي الله عنها- أحرقت حصيرًا، فحشت به جرحه، وليس هذا الكيّ المعهود، وجزم ابن التين بأنه اكتوى، وعَكَسه ابن القيم في "الهدي". انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّل الكتاب قال:

[٥٧٣٤] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (ح) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرَا (٢): فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا).

رجال هذين الإسنادين: ستة:

١ - (عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) الكوفيّ، تقدّم قريبًا.

٢ - (جَرِيرُ) بن عبد الحميد، تقدّم أيضًا قريبًا.

٣ - (إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورِ) بن بَهْرام الكوسج، أبو يعقوب التميميّ المروزيّ، ثقةٌ ثبتٌ [١١] (ت ٢٥١) (خ م ت س ق) تقدم في "الإيمان" ١٢/ ١٥٦.


(١) "الفتح" ١٣/ ٩٠ - ٩١، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٠٤).
(٢) وفي نسخة: "لم يذكر".