للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ: رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ) بن النعمان الأنصاريّ الأشهليّ، أبو عمرو، سيّد الأوس، شَهِد بدرًا، واستُشهِد من سهم أصابه بالخندق، ومناقبه كثيرة، وله في مسلم ذِكر، دون رواية، وله عند البخاريّ حديث واحد موقوف، رواه عنه ابن مسعود.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات"، قال: كان سعد بن معاذ رجلًا أبيض، طُوالًا، جميلًا، حسن الوجه، أعين، حسن اللحية، فرُمي يوم الخندق، سنة خمس من الهجرة، فمات من رَمْيته تلك، وهو يومئذٍ ابن سبع وثلاثين سنةً، فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودُفن بالبقيع. انتهى (١).

[تنبيه]: الذي رَمَى سعد بن معاذ -رضي الله عنه- رجل من قريش، يقال له: حِبّان ابن الْعَرِقة، وهو حبّان بن قيس، ويقال: ابن أبي قيس بن علقمة بن عبد مناف، والْعَرِقة -بفتح العين المهملة، وكسر الراء، ثم قاف- أمه، وهي بنت سعيد بن سعد بن سِهْم (٢)، وقد تقدّمت القصّة مستوفاة في "الجهاد": "باب جواز قتال من نقض العهد" [٢٢/ ٤٥٨٨] (١٧٦٩) فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(فِي أَكْحَلِهِ) هو عِرق في الذراع يقال له: عِرْق الحياة؛ لأنه إذا قُطع مات صاحبه، وقد تقدّم تمام البحث فيه في الحديث الماضي. (قَالَ) جابر -رضي الله عنه- (فَحَسَمَهُ)؛ أي: كواه (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ) الشريفة؛ ليقطع دمه، وأصل الحسم: القطع، (بِمِشْقَصٍ) -بكسر الميم، وسكون الشين المعجمة، وفتح القاف، وبصاد مهملة-: وهو نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض (٣). (ثُمَّ وَرِمَتْ) بكسر الراء، يقال: وَرِمَ يَرِم -بكسرهما- وَرَمًا، وتورّم، وهو تغلّظه من مرض، وجمع الورم أورام، قاله الفيّوميّ (٤)، وقال المجد: الورم محرّكةً: النتوء، والانتفاخ. انتهى. (فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ)؛ أي: كواه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مرّة ثانية.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: وكيّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأُبيّ، وسعد دليلٌ على جواز الكيّ،

والعمل به، إذا ظن الإنسان منفعته، ودعت الحاجة إليه، فيُحْمَل نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن


(١) "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٣/ ٤٣٣.
(٢) راجع: "الفتح" ٩/ ٢١٥، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٩٧).
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٢٣٩.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٦.