للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخمد لهيب العطش عن الظمآن بالماء البارد، أخمد الله لهيب الحمى عنه جزاءً وفاقًا، ولكن هذا يؤخذ من فقه الحديث، وإشارته، وأما المراد به فاستعماله. انتهى (١).

وقال في "الفتح": وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند ابن ماجه: "بالماء البارد"، ومثله في حديث سمرة -رضي الله عنه- عند أحمد، ووقع في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "بماء زمزم"، فقد أخرج البخاريّ من رواية أبي جمرة -بالجيم- قال: "كنت أجالس ابن عباس بمكة، فأخذتني الحمّى"، -وفي رواية أحمد-: كنت أدفع الناس عن ابن عباس، فاحتبست أيّامًا، فقال: ما حبسك؟ قلت: الحمَّى، قال: أبْرِدها بماء زمزم، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء، أو بماء زمزم" شك همام، كذا في رواية البخاريّ من طريق أبي عامر العَقَديّ، عن همام.

وقد تعلّق به من قال بأن ذِكْر ماء زمزم ليس قيدًا؛ لشكِّ راويه فيه، وممن ذهب إلى ذلك ابن القيّم.

قال الجامع عفا الله عنه: ليس ابن القيّم ممن قال بهذا، بل هو قائل بأن المراد به العموم، ولكنه تأول قول من قال بهذا، على تقدير ثبوته، كما أسلفت لك نصّه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال: وتُعُقِّب بأنه وقع في رواية أحمد، عن عفّان، عن همام: "فأبردوها بماء زمزم"، ولم يشكّ، وكذا أخرجه النسائيّ، وابن حبان، والحاكم، من رواية عفان، وإن كان الحاكم وَهِمَ في استدراكه، وترجم له ابن حبان بعد إيراده حديث ابن عمر، فقال: "ذِكْر الخبر المفسِّر للماء المجمل في الحديث الذي قبله، وهو أن شدّة الحمى تُبَرَّد بماء زمزم دون غيره من المياه"، وساق حديث ابن عباس.

وقد تُعُقّب على تقدير أن لا شك في ذِكر ماء زمزم فيه، بأن الخطاب لأهل مكة خاصّة؛ لتيسُّر ماء زمزم عندهم، كما خصّ الخطاب بأصل الأمر بأهل البلاد الحارّة، وخفي ذلك على بعض الناس. انتهى (٢).


(١) "زاد المعاد" ٤/ ٢٣.
(٢) "الفتح" ١٣/ ١٢٣ - ١٢٤، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٢٣).