للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تداويتم به الحجامة، والقسط البحريّ"، قال في "الفتح": وهو محمول على أنه وصف لكلِّ ما يلائمه، فحيث وصف الهنديّ كان لاحتياج في المعالجة إلى دواء شديد الحرارة، وحيث وصف البحريّ كان دون ذلك في الحرارة؛ لأن الهندي كما تقدم أشدّ حرارة من البحريّ، وقال ابن سينا: القسط حارّ في الثالثة، يابس في الثانية. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: قوله: "عليكنّ بهذا العود الهنديّ" هذه إحالة منه -صلى الله عليه وسلم- لهنّ على استعمال العود الهنديّ الطيب الرائحة في مرض الحلق المسمَّى بالعذرة، ثم بيَّن لهم كيفية العلاج به بقوله: "يسعط من العذرة أي: يُدَقُّ ناعمًا، ويُسعط في الأنف، وهذا يفيد أنَّه يُستعمل وحده، ولا يضاف إلى غيره، ثمَّ زاد، فقال: "ويلدُّ من ذات الجنب ويعني به: الوجع الذي يكون في الجنب؛ المسمَّى: بالشَّوصة، وقال الترمذيّ: يعني به: السِّلَّ، وفيه بُعدٌ، والأول أعرف، وهل يلدّ به منفردًا مدقوقًا، أو مع غيره؟ يُسأل عن الأنفع من ذلك أهل الْخِبْرة من المسلمين، ممن جرَّب ذلك، أو تُبَاشَرُ تجربته؛ إذ لا بدَّ من نفعه في ذلك المرض؛ لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقول إلا حقًّا. انتهى (٢).

(فَإِنَّ فِيهِ)؛ أي: في هذا العود (سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ) بفتح الهمزة: جَمْع شفاء، (مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ)؛ أي: من تلك الأشفية: شفاءُ ذات الجنب، أو التقدير: فيه سبعة أشفية من سبعة أدواء، منها ذات الجنب، وخصّه بالذِّكر؛ لأنه أصعب الأدواء، وقلّما يَسْلَم منه من ابتُلي به، قاله الطيبيّ -رحمه اللهُ- (٣).

قال في "العمدة": ذكر -صلى الله عليه وسلم- سبعة أشفية في القسط، فسمى منها اثنين، ووكل باقيها إلى طلب المعرفة، أو الشهرة فيها. انتهى.

وقوله: (يُسْعَطُ) كلام مستأنَف لبيان كيفيّة التداوي في الداءين المذكورين، وهو بصيغة المجهول، مُخَفّفًا، ورُوي مشدّدًا، وهو مأخوذ من السَّعُوط، وهو ما يُصَبّ في الأنف، وكيفية التداوي به أن يُدَقّ العُود ناعمًا،


(١) "الفتح" ١٣/ ٧٩، كتاب "الطبّ" رقم (٥٦٩٢).
(٢) "المفهم" ٥/ ٦٠٣.
(٣) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٢٩٥٨.