للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُدْخَل في الأنف، وقيل: يُبَلّ، ويقطر فيه، قاله القاري (١). (مِنَ الْعُذْرَةِ) تقدّم معناها آنفًا، (وَيُلَدُّ) بصيغة المجهول أيضًا، وتشديد الدال المهملة، من لَدَّ الرجلَ: إذا صَبّ الدواء في أحد شِقّي الفم. (مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ)؛ أي: من أجلها، وسكت -صلى الله عليه وسلم- عن الخمسة منها؛ لعدم الاحتياج إلى تفصيلها في ذلك الوقت، فاقتصر على المهم، والمناسب للمقام.

و"ذات الجنب": هو وَرَمٌ حارّ يَعْرِض في الغشاء المستبطن للأضلاع، وقد يُطْلَق على ما يَعْرِض في نواحي الجنب، من رياح غليظة، تحتقن بين الصفاقات، والعَضَل التي في الصدر، والأضلاع، فتحدث وجعًا، فالأول هو ذات الجنب الحقيقيّ الذي تكلم عليه الأطباء، قالوا: ويَحْدُث بسببه خمسة أعراض: الحمى، والسعال، والنخس، وضيق النفس، والنبض المنشاريّ، ويقال لذات الجنب أيضًا: وجع الخاصرة، وهي من الأمراض المخوفة؛ لأنها تَحدث بين القلب والكبد، وهي من سيئ الأسقام، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما كان الله ليسلّطها عليّ".

والمراد بذات الجنب في هذا الحديث هو الثاني؛ لأن القسط، وهو العود الهنديّ هو الذي تداوى به الريح الغليظة، قال المسبحيّ: العود حارّ، يابس، قابض، يَحبس البطن، ويقوي الأعضاء الباطنة، ويطرد الريح، ويفتح السدد، ويُذهب فضل الرطوبة، قال: ويجوز أن ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقيّ أيضًا، إذا كانت ناشئة عن مادة بلغمية، ولا سيما في وقت انحطاط العلة، قاله في "الفتح" (٢).

وقال في "الفتح" أيضًا: قوله: "يسعط به من العُذرة، ويُلدّ به من ذات الجنب" كذا وقع الاقتصار في الحديث من السبعة على اثنين، فإما أن يكون ذَكَر السبعة، فاختصره الراوي، أو اقتصر على الاثنين؛ لوجودهما حينئذ دون غيرهما، وهذا أقوى الاحتمالين، وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يُدِرّ الطمث، والبول، ويقتل ديدان الأمعاء، ويدفع السم، وحمى الربع، والورد،


(١) "عون المعبود" ١٠/ ٢٥٨.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٧٩، كتاب "الطبّ" رقم (٥٦٩٢).