للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُسَخِّن المعدة، ويحرك شهوة الجماع، ويُذهِب الكَلَف طِلاءً، فذكروا أكثر من سبعة، وأجاب بعض الشراح بأن السبعة عُلمت بالوحي، وما زاد عليها بالتجربة، فاقتصر على ما هو بالوحي؛ لتحققه، وقيل: ذَكر ما يُحتاج إليه دون غيره؛ لأنه لم يُبعث بتفاصيل ذلك.

قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن تكون السبعة أصول صفة التداوي بها؛ لأنها إما طِلاءٌ، أو شربٌ، أو تكميد، أو تنطيل، أو تبخير، أو سعوط، أو لدود، فالطلاء يدخل في المراهم، ويحلى بالزيت، ويلطخ، وكذا التكميد، والشرب، يُسحَق، ويُجعل في عسل، أو ماء، أو غيرهما، وكذا التنطيل، والسَّعوط، يسحق في زيت، ويقطر في الأنف، وكذا الدهن، والتبخير واضح، وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة، ولا يُستغرب ذلك ممن أوتي جوامع الكلم.

قال: وقد استُشْكل معالجتها العذرة بالقسط، مع كونه حارًّا، والعذرة إنما تَعْرِض في زمن الحرّ بالصبيان، وأمزجتهم حارّة، ولا سيما وقُطْر الحجاز حارّ.

وأجيب بأن مادة العذرة دم يغلب عليه البلغم، وفي القسط تخفيف للرطوبة، وقد يكون نفعه في هذا الدواء بالخاصية، وأيضًا فالأدوية الحارّة قد تنفع في الأمراض الحارّة بالعرض كثيرًا، بل وبالذات أيضًا، وقد ذكر ابن سينا في معالجة سعوط اللهاة القسط، مع الشَّبّ اليمانيّ، وغيره، على أننا لو لم نجد شيئًا من التوجيهات لكان أمر المعجزة خارجًا عن القواعد الطبية. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحمه اللهُ-: قوله: "فإنَّ فيه سبعة أشفية": بيَّن منها في الحديث اثنين، وسكت عن الخمسة، وقد ذكر الأطبَّاء في كتبهم أن فيه من الأشفية أكثر مما في هذا الحديث، قال أبو عبد الله المازريّ: رأيت في كتبهم -يعني: الأطباء- أنه يُدِرّ البولَ، والطَّمْثَ، وينفع من السُّموم، ويحرك شهوة الجماع، ويقتل الدود، وحبَّ القرع في الأمعاء، إذا شُرِب بالعسل، ويذهب بالكَلَف،


(١) "الفتح" ١٣/ ٧٩ - ٨٠، كتاب "الطبّ" رقم (٥٦٩٢).