للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"يَرْتُو" بفتح أوله، وسكون الراء، وضم المثناة، و"يَسْرُو" وزْنَهُ بسين مهملة، ثم راء، ومعنى "يرتو": يُقَوِّي، ومعنى "يسرو": يكشف.

و"البغيض" بوزن عظيم، من البغض؛ أي: يبغضه المريضُ مع كونه ينفعه؛ كسائر الأدوية.

وحَكَى عياض أنه وقع في رواية أبي زيد المروزيّ بالنون بدل الموحّدة، قال: ولا معنى له هنا.

قال الموفق البغداديّ: إذا شئت معرفة منافع التلبينة، فاعرف منافع ماء الشعير، ولا سيما إذا كان نُخالة، فإنه يجلو، وينفذ بسرعة، ويُغَذِّي غذاءً لطيفًا، وإذا شُرِب حارًّا كان أجلى، وأقوى نُفُوذًا، وأنمى للحرارة الغريزية.

قال: والمراد بالفؤاد في الحديث: رأس المعدة، فإن فؤاد الحزين يَضْعُف باستيلاء اليبس على أعضائه، وعلى معدته خاصّة؛ لتقليل الغذاء، والْحَساء يرطبها، ويغذيها، ويقوّيها، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لكن المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلطٌ مراريّ، أو بلغميّ، أو صديديّ، وهذا الْحَساء يجلو ذلك عن المعدة، قال: وسمّاه البغيض النافع؛ لأن المريض يَعافه، وهو نافع له، قال: ولا شيء أنفع من الحساء لمن يغلب عليه في غذائه الشعير، وأما من يغلب على غذائه الحنطة فالأَولى به في مرضه حَسَاء الشعير، والله أعلم (١).

وقال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-: التلبين: هو الْحَساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، ومنه اشتُقّ اسمه، قال الهرويّ: سُمّيت تلبينةً؛ لِشَبَهها باللبن، لبياضها، ورقّتها، وهذا الغذاء هو النافع للعليل، وهو الرقيق النضيج، لا الغليظ النيء، وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة، فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم، فإنها حَساءٌ متخذٌ من دقيق الشعير بنخالته، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صِحاحًا، والتلبينة تطبخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن، وقد تقدم أن للعادات تأثيرًا في الانتفاع بالأدوية، والأغذية، وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحونًا لا


(١) "الفتح" ١٣/ ٧٦، كتاب "الطبّ" رقم (٥٦٨٩).