١ - (منها): جواز اجتماع الجيران عند أهل الميت؛ ليخفّفوا عنهم ألم الحزن، ويسلّوهم، ويحثّوهم على الصبر.
[فإن قلت]: يعارض هذا ما أخرجه ابن ماجه في "سننه"(١/ ٥١٤) عن جرير بن عبد الله البجليّ -رضي الله عنه- قال:"كنا نرى الاجتماع إلى أهل الميت، وصَنْعة الطعام من النياحة"، وهو حديث صحيح.
[قلت]: يجاب عن ذلك بأن ما في حديث جرير -رضي الله عنه- محمول على اجتماع غير الجيران، فلا ينبغي لغيرهم أن يجتمعوا عند أهل الميت، وأما هذا الحديث، فهو خاصّ بالجيران، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): بيان استحباب صنع التلبينة للمريض، والمحزون.
٣ - (ومنها): بيان فائدة التلبينة، وهي أنها مَجَمّةٌ للفؤاد، وتُذهب بعض الحزن، والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): قال البخاريّ -رحمه اللهُ- في "صحيحه": حدّثنا فَرْوة بن أبي الْمَغْراء، حدّثنا عليّ بن مُسهر، حدّثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة:"أنها كانت تأمر بالتلبينة، وتقول: هو الْبَغيض النافع".
قال في "الفتح": كذا فيه موقوفًا، وقد حذف الإسماعيليّ، هذه الطريق، وضاقت على أبي نعيم، فأخرجها من طريق البخاريّ هذه، عن فَرْوة، ووقع عند أحمد، وابن ماجه، من طريق كُلْثم، عن عائشة، مرفوعًا:"عليكم بالبغيض النافع: التلبينة"؛ يعني: الْحَساء (١)، وأخرجه النسائيّ من وجه آخر، عن عائشة، وزاد:"والذي نفس محمد بيده، إنها لتغسل بطن أحدكم، كما يغسل أحدكم الوسخ عن وجهه بالماء"، وله، وهو عند أحمد، والترمذيّ من طريق محمد بن السائب بن بركة، عن أمه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أخذ أهله الْوَعْك أمر بالْحَساء، فصُنِع، ثم أمرهم، فحَسَوا منه، ثم قال: إنه يَرْتُو فؤاد الحزين، ويَسْرُو عن فؤاد السقيم، كما تَسْرو إحداكنّ الوسخَ عن وجهها بالماء".
(١) "الحَسَاءُ كسلام: الطبيخ الرقيق يُحسَى"، قاله في "المصباح".