للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(تُذْهِبُ) بضمّ أوله من الإهاب رباعيًّا؛ أي: تُزيل (بَعْضَ الْحُزْنِ") بضمّ، فسكون، أو بفتحتين: الهمّ، وجمعه أحزان.

وقال ابن القيّم -رحمه اللهُ-: قوله: "تذهب ببعض الحزن" هذا -والله أعلم- لأن الغم والحزن يبردان المزاج، ويُضْعفان الحرارة الغريزية؛ لميل الروح الحامل لها إلى جهة القلب الذي هو منشؤها، وهذا الْحَساء يقوي الحرارة الغريزية بزيادته في مادتها، فتزيل أكثر ما عرض له من الغمّ والحزن.

قال: وقد يقال -وهو أقرب-: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها، من جنس خواص الأغذية المفرِّحة، فإن من الأغذية ما يفرِّح بالخاصية، والله أعلم.

وقد يقال: إن قُوَى الحزين تَضعف باستيلاء اليبس على أعضائه، وعلى معدته خاصّة؛ لتقليل الغذاء، وهذا الْحَساء يرطبها، ويقويها، ويغذيها، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لكن المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خلط مراريّ، أو بلغميّ، أو صديديّ، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة، ويَسْرُوه، ويَحْدُره، ويُميعه، ويُعَدِّل كيفيته، ويكسر سَوْرته، فيريحها، ولا سيما لمن عادَتُه الاغتذاء بخبز الشعير، وهي عادة أهل المدينة؛ إذ ذاك، وكان هو غالب قُوْتهم، وكانت الحنطة عزيزة عندهم، والله أعلم. انتهى (١).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا متّفقُ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٥٧٥٥] (٢٢١٦)، و (البخاريّ) في "الأطعمة" (٤٥١٧) و"الطبّ" (٥٦٨٩)، و (الترمذيّ) في "الطبّ" (٢٠٤٢)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٤/ ١٦١ و ٣٧٢)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٨٠ و ١٥٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٤/ ٦١) و"شُعَب الإيمان" (٥/ ٩٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "زاد المعاد" ٤/ ١٢٠ - ١٢١.