للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أنَّهُ)؛ أي: أن عامرًا (سَمِعَهُ)؛ أي: سمع أباه سعدًا -رضي الله عنه- (يَسْألُ أُسَامَةَ بْنَ زيدٍ) -رضي الله عنهما- (مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الطَّاعُونِ؟)؛ أي: في شأنه، هل يجوز الدخول إلى موضع وقع فيه، أم لا؟، وهل الخروج من موضع وقع فيه جائز أم لا؟ (فَقَالَ أُسَامَةُ) -رضي الله عنه- (قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الطَّاعُونُ رِجْزٌ) قال ابن عبد البرّ -رحمه اللهُ-: وأما الرجز، فالعذاب لا يختلف في ذلك أهل العلم باللسان، من ذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ} الآية [الأعراف: ١٣٥]ـ وهو كثير، وقد يكون الرجس والرجز سواءً، والرجز النجاسة، والرجز أيضًا عبادة الأوثان، ودليل ذلك قوله عزَّ وجلَّ: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} [المدثر: ٥]، ولا وجه لذكر الرجز في هذا الحديث إلا العذاب، وكلُّ ما ابتُلِي به الإنسان، من الأوجاع، والْمِحَن، والشيب، وغير ذلك فهو من العذاب، والله أعلم. انتهى (١).

(أَوْ) للشك من الراوي، (عَذَابٌ، أُرْسِلَ) بالبناء للمفعول، (عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ) للشكّ من الراوي أيضًا، (عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) قال ابن عبد البرّ -رحمه اللهُ-: قوله: "أو على من كان قبلكم" الشك من المحدّث، هل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "على بني إسرائيل أو قال: "أرسل على من قبلكم"؟ والمعنى -والله أعلم- أن الطاعون أول ما نزل في الأرض، فعلى طائفة من بني إسرائيل قبلنا. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": كذا وقع بالشكّ، ووقع بالجزم عند ابن خزيمة، من طريق عمرو بن دينار، عن عامر بن سعد، بلفظ: "فإنه رجزٌ سُلِّط على طائفة من بني إسرائيل"، وأصله عند مسلم، ووقع عند ابن خزيمة بالجزم أيضًا من رواية عكرمة بن خالد، عن ابن سعد، عن سعد، لكن قال: "رجزٌ أصيب به من كان قبلكم".

[تنبيه]: وقع الرجس بالسين المهملة موضع الرجز بالزاي، والذي بالزاي هو المعروف، وهو العذاب، والمشهور في الذي بالسين، أنه الخبيث، أو النجس، أو القذَر، وجزم الفارابيّ، والجوهريّ بأنه يُطلق على العذاب أيضًا،


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٢/ ٢٥٨.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٢/ ٢٥٨.