للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنه قوله تعالى: {يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)} [الأنعام: ١٢٥]، وحكاه الراغب أيضًا، والتخصيص على بني إسرائيل أخصّ، فإن كان ذلك المراد، فكأنه أشار بذلك إلى ما جاء في قصة بلعام، فأخرج الطبريّ من طريق سليمان التيميّ، أحد صغار التابعين، عن سيّار أن رجلًا كان يقال له: بلعام كان مجاب الدعوة، وإن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام، فأتاه قومه، فقالوا: ادع الله عليهم، فقال: حتى أؤامر ربي، فمُنع، فأتوه بهدية، فقبلها، وسألوه ثانيًا، فقال: حتى أؤامر ربي، فلم يُرجع إليه بشيء، فقالوا: لو كره لنهاك، فدعا عليهم، فصار يجري على لسانه ما يدعو به على بني إسرائيل، فينقلب على قومه، فلاموه على ذلك، فقال: سأدلكم على ما فيه هلاكهم، أرسلوا النساء في عسكرهم، ومُرُوهنّ أن لا يمتنعن من أحد، فعسى أن يزنوا، فيهلكوا، فكان فيمن خرج بنت الملك، فأرادها رأس بعض الأسباط، وأخبرها بمكانه، فمكّنته من نفسها، فوقع في بني إسرائيل الطاعون، فمات منهم سبعون ألفًا في يوم، وجاء رجل من بني هارون، ومعه الرمح، فطعنهما، وأيده الله، فانتظمهما جميعًا. وهذا مرسل جيّد، وسيّار شاميّ موثَّقٌ، وقد ذكر الطبريّ هذه القصة من طريق محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر، فذكر نحوه، وسمّي المرأة كَشْتًا -بفتح الكاف، وسكون المعجمة، بعدها مثناة- والرجل زِمْرِي -بكسر الزي، وسكون الميم، وكسر الراء- رأس سبط شمعون، وسمّي الذي طعنهما فِنْحَاص -بكسر الفاء، وسكون النون، بعدها مهملة، ثم مهملة- ابن هارون، وقال في آخره: فحُسِب مَن هلك من الطاعون سبعون ألفًا، والمقلِّل يقول: عشرون ألفًا، وهذه الطريق تعضد الأُولى.

وقد أشار إليها عياض، فقال: قوله: "أُرسل على بني إسرائيل" قيل: مات منهم في ساعة واحدة عشرون ألفًا، وقيل: سبعون ألفًا.

وذكر ابن إسحاق في "المبتدأ" أن الله أوحى إلى داود أن بني إسرائيل كثُر عصيانهم، فخيّرهم بين ثلاث: إما أن أبتليهم بالقحط، أو العدوّ شهرين، أو الطاعون ثلاثة أيام، فأخبرهم، فقالوا: اختر لنا، فاختار الطاعون، فمات منهم إلى أن زالت الشمس سبعون ألفًا، وقيل: مائة ألف، فتضرع داود إلى الله تعالى، فرفعه.