للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وورد وقوع الطاعون في غير بني إسرائيل، فَيَحْتَمِل أن يكون هو المراد بقوله: "من كان قبلكم"، فمن ذلك ما أخرجه الطبريّ، وابن أبي حاتم، من طريق سعيد بن جبير، قال: أَمَر موسى بني إسرائيل أن يذبح كل رجل منهم كبشًا، ثم ليخضب كفه في دمه، ثم ليضرب به على بابه، ففعلوا، فسألهم القبط عن ذلك، فقالوا: إن الله سيبعث عليكم عذابًا، وإنما ننجو منه بهذه العلامة، فأصبحوا وقد مات من قوم فرعون سبعون ألفًا، فقال فرعون عند ذلك لموسى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} الآية [الأعراف: ١٣٤]، فدعا، فكشفه عنهم. وهذا مرسل جيّد الإسناد.

وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره"، والطبريّ من طريق الحسن في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: ٢٤٣]، قال: فَرُّوا من الطاعون، فقال لهم الله: موتوا، ثم أحياهم؛ ليكملوا بقية آجالهم.

وأخرج ابن أبي حاتم، من طريق السديّ، عن أبي مالك قصتهم مطولةً، فأقدمُ من وقفنا عليه في المنقول ممن وقع الطاعون به من بني إسرائيل في قصة بلعام، ومن غيرهم في قصة فرعون، وتكرر بعد ذلك لغيرهم، والله أعلم. انتهى ما في "الفتح" (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "الطاعون رجز أرسل على من كان قبلكم" قد جاء هذا اللفظ مفسَّرًا في الرواية الأخرى، حيث قال: "إن هذا الوجع، أو السُّقْمَ رجزٌ، عُذِّب به بعض الأمم قبلكم"، فقد فسَّر الطاعون بالمرض، والرجز بالعذاب.

والطاعون: وزنه فاعول، من الطعن؛ غير أنه لمّا عُدِل به عن أصله وُضِع دالًّا على الموت العام بالوباء، على ما قاله الجوهريّ، وقال غيره: أصل الطَّاعون: القروح الخارجة في الجسد، والوباء: عموم الأمراض، قال: وطاعون عَمْواس: إنما كان طاعونًا، وقروحًا.

قال: ويشهد لصحَّة هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-وقد سُئل عن الطاعون- فقال: "غُدَّة


(١) "الفتح" ١٣/ ١٣٤ - ١٣٦، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٢٨).