عنه، فأمرهم، فخرجوا عنه، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، فاختلفوا كاختلافهم، فأمرهم، فخرجوا عنه، ثم قال: ادع لي من كان ههنا من مَشْيَخة مهاجرة، فاختلفوا كاختلافهم، فأمرهم، فخرجوا عنه، ثم قال: ادع لي من كان ههنا من مشيخة مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فاستشارهم، فاجتمع رأيهم على أن يرجع بالناس، فأَذَّنَ عمر -رضي الله عنه- في الناس، إني مُصْبِح على ظهر، فأَصْبِحوا عليه، فإني ماض لِمَا أري، فانظروا ما آمركم به، فامضوا له، فأصبح، قال: فركب عمر -رضي الله عنه-، ثم قال للناس: إني أرجع، فقال أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-وكان يكره أن يخالفه-: أفرارًا من قدر الله؟ فغضب عمر -رضي الله عنه-، وقال: لو غيرك قال هذا يا أبا عبيدة، نعم، أَفِرّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو أن رجلًا هبط واديًا له عْدوتان، واحدة جدبة، والأخرى خَصْبة، أليس إن رعى الجدبة رعاها بقدر الله؟ وإن رعى الخصبة رعاها بقدر الله؟ قال: ثم خلا بأبي عبيدة، فتراجعا ساعة، فجاء عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-، وكان متغيبًا في بعض حاجته، فجاء، والقوم يختلفون، فقال: إن عندي في هذا علمًا، فقال عمر: ما هو؟ قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:"إذا سمعتم به في أرض، فلا تَقْدَموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها، فلا يخرجنكم الفرار منه"، فحَمِد الله عمر -رضي الله عنه-، فرجع، وأمر الناس أن يرجعوا، قال ابن شهاب: أخبرني سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، قالا: إن عمر -رضي الله عنه- إنما رجع من سَرْغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف. انتهى (١).