للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كلَيْهِمَا (١) عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ: "لَا عَدْوَى"، وَأقَامَ عَلَى "أَنْ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، قَالَ: فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ -وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ-: قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثَنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ، قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ، كُنْتَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا عَدْوَى"، فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ، وَقَالَ: "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ"، فَمَارَاْهُ الْحَارِثُ فِي ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ، فَقَالَ لِلْحَارِثِ: أَتَدْرِي مَاذَا قُلْتُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: أَبَيْتُ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى"، فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَ؟).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد ذُكِر قبل حديثين.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ (أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى") اسم من الإعداء، وهو أن يكون ببعير جرب مثلًا، فتتقى مخالطته بإبل أخرى حِذارًا أن يتعدى ما به من الجرب إليها، فيصيبها ما أصابه، فقد أبطله الإسلام؛ لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدي، فأعلمهم النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الأمر ليس كذلك، وإنما الله تعالى هو الذي يُمْرِض، ويُنزل الداء (٢). (وَيُحَدِّثُ) أبو هريرة -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يُورِدُ) كذا هو عند مسلم بصيغة النفي، والمراد به النهي بدليل رواية البخاريّ بلفظ: "لا يوردنّ ممرض على مُصحّ"، والله تعالى أعلم.

(مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ") قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللهُ-: الْمُمْرِض الذي له إبل مَرْضَي، فنُهِي أن يسقي إبله مع إبل الْمُصِحّ، لا لأجل العدوي، ولكن لأن الصحاح ربما عَرَض لها مرضٌ، فوقع في نفس صاحبها أن ذلك من قبيل العدوي، فيفتنه، ويُشَكِّكه، فأُمر باجتنابه، والبعد عنه، وقد يَحْتَمِل أن يكون


(١) وفي نسخة: "كلتيهما".
(٢) "لسان العرب" ١٥/ ٣٩.